تُعيد تحذيرات وزارة الصحة بشأن داء الكلب تسليط الضوء مجددًا على ملف الكلاب السائبة في العراق، بعد تسجيل إصابات خطيرة وحالات وفاة في عدد من المدن. وأكدت الوزارة أن اللقاح الخاص بالمرض متوفر في المؤسسات الصحية، مشددة على أن الوقاية الفاعلة تعتمد على مراجعة المصاب للمراكز الصحية خلال الساعات الأولى بعد التعرّض للعضّة، والتي تُعدّ حاسمة في منع تطور المرض.
ولم تعد ظاهرة الكلاب السائبة مقتصرة على الإزعاج الليلي أو التجوال في الأزقة، بل تحولت إلى قضية صحية وأمنية تمس حياة المواطنين، لاسيما في المناطق السكنية الطرفية التي تشهد كثافة في أعداد الكلاب، وتماسًا مباشرًا مع الأطفال وطلبة المدارس.
وفي مدينة الموصل، تتعالى أصوات الأهالي القلقين على سلامة أبنائهم، مع تسجيل انتشار واضح لمجاميع الكلاب السائبة في أغلب أحياء المدينة، ما يضاعف المخاوف من حوادث العضّ والإصابات، خصوصًا في محيط المدارس والأسواق الشعبية والأحياء السكنية.
معطيات صحية: لقاح متوفر وساعات حاسمة
تشير الجهات الصحية إلى أن داء الكلب يُعد من أخطر الأمراض الفيروسية المرتبطة بعضّات الحيوانات، خصوصًا الكلاب السائبة، وأن أي تأخير في تلقي اللقاح بعد التعرّض للعضّة قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد حياة المصاب. كما حذّرت من الاستهانة بالإصابات البسيطة أو الاكتفاء بالإسعافات الأولية دون مراجعة المراكز الصحية المختصة.
بغداد: حملات واسعة وإحصاءات مقلقة
في العاصمة بغداد، أعلنت الجهات البلدية تنفيذ أكثر من 1500 حملة لمكافحة الكلاب السائبة خلال أحد عشر شهرًا، أسفرت عن إبادة أكثر من 19 ألف كلب في مختلف مناطق المدينة. وأوضحت أن هذه الحملات نُفذت بالتنسيق مع الجهات الأمنية ودائرة البيطرة، مع اتخاذ إجراءات خاصة لرفع الحيوانات النافقة ونقلها إلى مواقع الطمر الصحي المعتمدة، للحد من الآثار البيئية والصحية.
خانقين: تجربة بديلة خارج المدن
في محافظة ديالى، وتحديدًا في قضاء خانقين، جرى اعتماد أسلوب مختلف لمعالجة المشكلة، تمثّل بإنشاء محمية خاصة للكلاب السائبة خارج المدينة بجهود محلية، في محاولة لتقليل المخاطر داخل المناطق السكنية.
تشير المعطيات إلى أن ملف الكلاب السائبة بات قضية صحية وأمنية تتطلب تنسيقًا واسعًا بين الجهات البلدية والصحية والأمنية، إلى جانب رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية مراجعة المراكز الصحية فور التعرض لأي عضّة أو خدش، باعتبار ذلك خط الدفاع الأول في مواجهة داء الكلب


