الشيخ الشماع: أزمة العراق ليست مالية بل أزمة إدارة وفساد يهدد بانهيار الدولة

وجّه إمام وخطيب جامع النبي يونس (عليه السلام) الشيخ محمد الشماع رسالة نقدية حادة تناول فيها الواقع المالي في العراق وأسباب ما يصفه بـ«الاختناق الاقتصادي»، مؤكدًا أن المشكلة لا تكمن في التضخم أو شح السيولة، بل في سوء الإدارة واستنزاف المال العام.

وقال الشماع، في منشور على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك، إن العراق لا يعاني من أزمة مالية بقدر ما يعاني من «أزمة رجال»، مشيرًا إلى وجود شخصيات غير مناسبة في مواقع غير مناسبة، ما أدى إلى استهتار واسع بالمال العام وغياب الشعور بحرمته.

وأوضح أن ازدواجية الرواتب وحدها تكلّف خزينة الدولة نحو 28 مليار دولار سنويًا، وهو رقم يفوق ميزانيات دول مثل الأردن وسوريا ولبنان، متسائلًا عما إذا كان من يدير هذا الملف حريصًا فعلًا على مصلحة الشعب.
كما انتقد وجود آلاف المستفيدين من برامج ورواتب وصفها بـ«الخيالية» التي تستنزف ما تبقى من موارد الدولة.

وتطرق الشماع إلى ملف المواكب والحمايات والمصاريف التشغيلية للمسؤولين الحاليين والسابقين، بل وحتى لمن لا يشغلون مناصب رسمية، معتبرًا أن هذا الأمر لا مثيل له في دول العالم.
وأشار كذلك إلى الإيفادات الخارجية التي وصفها بالعبثية، والتي تهدف – بحسب قوله – إلى التربح واستنزاف المال العام، فضلًا عن وجود سفارات عراقية في دول لا يوجد فيها سوى عدد محدود جدًا من العراقيين.

وانتقد خطيب جامع النبي يونس مصاريف الرئاسات الثلاث ونثرياتها، ورواتب موظفيها، معتبرًا إياها «غولًا يلتهم المال العام»، إضافة إلى التفاوت الكبير في رواتب موظفي الدولة بين وزارة وأخرى رغم تساوي المؤهلات، ما خلق – بحسب تعبيره – فوارق طبقية وأحقادًا اجتماعية غير مسبوقة.

كما أشار إلى رواتب وامتيازات أعضاء مجلس النواب والمتقاعدين منهم، موضحًا أن الأنظمة السابقة كانت تُعيد النائب إلى وظيفته أو تقاعده الأصلي بعد انتهاء مدته، خلافًا لما هو معمول به حاليًا.
ولفت أيضًا إلى وجود أعداد كبيرة من الحمايات للمسؤولين الحاليين والسابقين، معتبرًا ذلك سابقة لا وجود لها في أي دولة أخرى.

وفي جانب آخر من حديثه، تحدث الشماع عن صرف أموال طائلة لغير العراقيين، متسائلًا عن الجهة التي خوّلت الدولة بذلك من دون الرجوع إلى الشعب، محمّلًا المسؤولية الأخلاقية عن معاناة كل محتاج عراقي لمن أمر بصرف هذه المليارات.

وأشار إلى ملفات الاستيراد والضرائب، مؤكدًا أن جزءًا كبيرًا من الأموال لا ينعكس على أرض الواقع، فيما يذهب إلى جيوب الفاسدين، محذرًا من أن هذا النزيف المالي كفيل بإسقاط أي دولة مهما بلغت وارداتها.

وختم الشماع رسالته بالتأكيد على أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من القاعدة، معتبرًا أن فساد المجتمع في اختيار قياداته ينعكس حتمًا على قمة السلطة، داعيًا إلى وعي شعبي حقيقي واختيار قادة أكفاء، ومشيرًا إلى أن توفر إرادة صادقة ورجال لا يخشون إلا الله كفيل بتغيير واقع البلاد خلال فترة قصيرة.