أعلنت هيئة التقاعد العامة، اليوم الأربعاء، إكمال جميع الإجراءات الخاصة بصرف رواتب المتقاعدين لشهر كانون الثاني 2026، مؤكدةً إحالة البيانات إلى المصارف للشروع بعملية الصرف بشكل تدريجي.
وأوضح معاون رئيس الهيئة، حسام عبد الستار، أن الهيئة أنهت مراحلها الإدارية والفنية، وأن المصارف باشرت باستكمال إجراءات الإطلاق وفق الآليات المعتمدة.
ويأتي ذلك في وقت شهدت فيه رواتب المتقاعدين والموظفين تأخيرًا ملحوظًا عن موعدها المعتاد، وسط ظروف اقتصادية ضاغطة وارتفاع مستمر في تكاليف المعيشة، ما زاد من مستوى القلق الاجتماعي وأثقل كاهل آلاف العائلات التي تواجه التزامات يومية لا تقبل التأجيل.
وفي هذا السياق، يرى خبراء اقتصاد ومواطنون أن أزمة تأخر صرف الرواتب لم تعد مرتبطة بإجراءات إدارية أو تقنية فحسب، بل باتت تعكس شحّ السيولة المالية وتراجع الإيرادات النفطية، في ظل خلل واضح في التدفقات النقدية. ويشيرون إلى أن هذه الإجراءات كانت تُنجز سابقًا قبل العشرين من كل شهر، ما يضع علامات استفهام حول المبررات المطروحة حاليًا.
ويُعزى جزء من الأزمة، بحسب مختصين، إلى توقف حقل غرب القرنة/2 لنحو عشرة أيام، ما أفقد العراق قرابة 480 ألف برميل نفط يوميًا، بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط وتقليص حجم الصادرات إلى نحو 2.92 مليون برميل يوميًا، بعد أن كانت تتجاوز 3.4 ملايين برميل. ويزداد القلق مع اعتماد الموازنات للأعوام 2023–2025 على سعر 70 دولارًا للبرميل، في حين لا يتجاوز السعر الفعلي حاليًا حدود 50 دولارًا، ما ينذر بتفاقم أزمة مالية في حال استمرار هذا الفارق.
كما يحذر اقتصاديون من أن الاعتماد شبه الكامل على النفط، مقابل ضعف السياسات الداعمة للقطاع الخاص والصناعة والزراعة، أسهم في هشاشة الوضع المالي، وجعل تأخر الرواتب احتمالًا متكررًا لا ظرفًا استثنائيًا، بما يحمله ذلك من مخاطر اتساع رقعة الفقر والبطالة.
في المقابل، تعزو الجهات الرسمية أسباب التأخير إلى إجراءات فنية وإدارية مرتبطة بختام السنة المالية وعمليات الجرد السنوية في مؤسسات الدولة، مؤكدة أن هذه الخطوات طبيعية ولا تشير إلى أزمة مالية بنيوية… لكن الشارع، كالعادة، لا يطمئن بالكلمات وحدها.



إرسال التعليق