The Best Street Style Looks from New York Fashion Week

المحرر: علي حسن الفواز | عدد المشاهدات: 836
الإرهاب الذي ضرب باريس خلال اليومين الماضيين يضع السؤال السياسي أمام ثنائية الكذب والمصداقية، فكل ما كان يثار حول إمكانية مواجهة العنف بالسياسية فقط كشف عن زيفه، وعن هشاشته، مقابل قدرة الجماعات الإرهابية على وضع السؤال الأمني عند العتبة، وباتجاه حسم خياراتها الأخلاقية إزاء الآخرين، وعلى تقديم أنموذجها العصابي، العابر للسياسة، والحوار، والقيم، والقصدي في إحراج الدول الكبرى واختراق منظومة أمنها الوقائي...
طبيعة الهجمات الإرهابية تكشف عن خطورة تلك الخيارات، وعن طبيعة خططها، ومرجعياتها اللوجستية، وعن كيفية توظيفها للوقت، وللخلايا النائمة، وفي وضع هذه الخيارات/ الهجمات الإرهابية في سياق سياسي وأمني وإعلامي له مراميه وأهدافه، مثلما تكشف- أيضا- هشاشة القدرات الفائقة للسياسيات (الأوربأميركية) لا سيما فرنسا في التعاطي الحقيقي مع ملف الإرهاب، وملف الأزمات المعقدة في الشرق الأوسط وحروب دوله المفتوحة.. خطورة هذه الأحداث فاقت التوقع، ولايمكن عدّها تصفية حسابات أمنية مباشرة مع فرنسا، خاصة وأن السياسة الفرنسية كانت ضمن المعسكر المساند للحلف الأمريكي السعودي التركي، لكنها تحمل رسالة واضحة الى التحالف الدولي، قد تكون هناك جهات داخلية لها يدٌ فيها، وهو ما أكدّه الرئيس الفرنسي هولاند في خطابه القومي بعد تفجيرات باريس، وبقطع النظر عن طبيعة الدخول العسكري في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش ومحدوديته، إلاّ الحسابات السياسية والأمنية كانت العلامة على خطورة هذا التنظيم عالميا، وربما كانت هذه التفجيرات فرصة للتعبير عن سياسة الصدمة والخرق التي باتت تمتلكها خلايا الجماعات الإرهابية في العديد من المدن الأوربية، والإعلان على إمتلاكها القدرة لتهديد الأمن المجتمعي ونمط الحياة الثقافية، فضلا عن كونها محاولة لفكّ الحصار المفروض عليها بعد الضربات الروسية في سوريا وتغيّر معادلات الميدان، وانحسار وجودها في العراق بعد تحرير صلاح الدين وسنجار.. الأحداث الإرهابية في المنطقتين العاشرة والحادية عشرة الباريسية ذات الطبيعة السياحية تحمل معها أيضا رسالة ثقافية، عبر اختيار أهداف معينة في الليل الباريسي، فأغلب الضحايا من الشباب ممن كانوا في ملعب باريس الدولي يحضرون مباراة فرنسا وألمانيا، أو ممن كانوا في صالة مسرح باتاكلان للعروض الموسيقية، أوفي بعض المطاعم الشعبية في شوراع باريس، إذ راح ضحية هذه الهجمات الإرهابية بحدود 129 قتيلا، و352 جريحا. الرسالة الإرهابية التي عرضها تنظيم داعش أثارت لغطا سياسيا حول سياسة الرئيس الفرنسي هولاند، وحول ضعف تحالفه في مواجهة تحديات قومية كبرى، وقراءته المحدودة لطبيعة الأزمات التي دخلت فرنسا في حساباته السياسية والأمنية، فضلا عن ضعف استعداده لمواجهة أحزاب اليمين الفرنسي الذي يقوده الرئيس السابق ساركوزي، وجماعة التيار القومي المتطرف.. بعض قوى اليمين الفرنسي باتت ترفع شعارات تتقاطع مع سياسة هولاند الأوربية، أو في الاستمرار ضمن الحلف الأمريكي، وانخراطها في السياسات التي تنادي بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد على حساب معالجة ملف الإرهاب في سوريا، وهو ماتحوّل عند البعض الى خيار غير واقعي، لعدم جديته أولا، ولضعف قوى التحالف في حسم مشكلات الواقع الأمني، فضلا عن ضعف الستراتيجيات السياسية في التعامل مع معطيات الدخول الروسي الكبير، وتأثير الضربات الجوية والدعم اللوجستي على المجريات العسكرية، والتي أحدثت تغيّرا واضحا في موازين القوى على الأرض، رغم الدعم العسكري والتسليحي والاعلامي والمادي للجماعات المعارضة.. شريط الفيديو الذي بثّه تنظيم داعش حول تبنّي العمليات الأرهابية في باريس اقترن بتهديات مفتوحة ولمدن أوروبية وأمريكية، ومنها روما وموسكو ولندن وغيرها، وهذا يطرح مفارقة حول طبيعة مايجري في المسار السياسي للأزمة، وكيفية إعادة قراءتها ضمن سياسات حلف الأطلسي، وضمن آفاق الخارطة السياسية والامنية والاقتصادية التي تخطط الولايات المتحدة لإنشائها في المنطقة، لا سيما وأن تركيا التي تُعدّ الممر الكبير للإرهابيين الى العراق وسوريا باتت أكثر عرضة لصراعات داخلية، بالرغم من الأغلبية التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المُعادة، مثلما أن هذه التداعيات تطرح أسئلة حول الدور التركي، فالمفروض أن تكون هناك جهود استباقية للمواجهة، لأن العديد من الجماعات التي تعبر عبر أراضيها!! تحظى برعايةٍ ما من قبل أجهزتها الأمنية.. كما أن إعلان حالة الطوارئ في فرنسا يضع الكثير من علامات الاستفهام حول القدرة على مواجهة إرهاب عاصف، وبهذا القدر من العنف والرعب، وماهي خيارات فرنسا المستقبلية ؟ وهل سيكون الضغط الشعبي على الحكومة مدخلا لتغيير سياسي في المواقف والتحالفات؟ وهل سينعكس ذلك على الجاليات العربية والاسلامية التي تعيش في فرنسا؟
أحسب أن هذه الأسئلة ستكون صادمة في المشهد السياسي الفرنسي، وفي مستقبل علاقتها مع الحلفاء، فضلا عن علاقتها الداخلية مع الجماعات المهاجرة، والتي ستجد نفسها أمام تعقيدات أمنية، وحساسيات سياسية أخذت تثير لغطا حول قضايا الهجرة والجماعات الإسلامية وطبيعة الحريات التي تتعلق بحرية التعبير والحجاب والتعليم وغيرها..
الإرهاب وقمة المناخ الدولية..
الهجمات الإرهابية التي ضربت فرنسا تأتي أيضا أجواء استعدادات فرنسا لإقامة مؤتمر قمة المناخ الدولي، والذي سيعقد في الشهر القادم، وهو مايعني أن هناك مضادة لتعطيل هذا المؤتمر، ولتعرية الهشاشة الأمنية في المدن الفرنسية، وأن مايسمى بـ(الأمن الوقائي) الفرنسي غير كاف لمواجهة تحديات بهذه الخطورة، إذ أن حدوث هذه الهجمات وفي توقيات وأماكن مختلفة يعني أن هناك قواعد خلفية للإرهاب في فرنسا، وله قدرة على المباغته، وهو ماسيدفع الحكومة الفرنسية لاحتمال اتخاذ تدابير أمنية غير مسبوقة، قد تنعكس على الطبيعة السياحية والثقافية للمدن الفرنسية التي يؤمها سنويا بحدود (90) مليون زائر، وأن أي إجراء أمني احترازي وإقامة حواجز للتفتيش سينعكس سلبا على تقاليد المجتمع الباريسي، وعلى الوضع الاقتصادي الصعب جدا في فرنسا..
إن الرهان على أن تكون فرنسا حاضنة لمؤتمر دولي بهذا الحجم، هو محاولة للتأكيد على أهمية حضورها في إدارة ملفات مثيرة للجدل مثل المناخ، والأخطار البيئية التي يتعرض لها العالم جرّاء السياسات التي تهدد الأرض بالمزيد من التلوث، والكوارث الطبيعية، والذي يمكن أن يُعدَّ فرصة استثمارية كبيرة لتحسين الاقتصاد الفرنسي الذي يعني من مشاكل التضخم والبطالة، فضلا عن أن هذه الأحداث ستقلل من مستويات المشاركة في هذا المؤتمر، على مستوى الجدية والثقة بالسياسات والبرامج الدولية، أو على مستوى العناوين السياسية التي ستشارك به وطبيعة صلاحياتها في اتخاذ قرارات ذات أبعاد سياسية أو اقتصادية..
2015-11-30

روابط اخرى