The Best Street Style Looks from New York Fashion Week

المحرر: أ.دصلاح الجنابي | عدد المشاهدات: 851
تمثل مدينة الموصل القديمة انموذجا فريدا للمدن العراقية القديمة – الحية.
حيث تمتد جذورها الاصلية الى فترة الحضارات العراقية القديمة.
وتشير الدراسات المتخصصة الى ان المدينة واكبت في نشأتها الاولى فترة ازدهار مدينة نينوى التاريخية.
وتقاسمتا في تلك الفترة ضفتي نهر دجلة حتى صارتا انموذجا لمدن التواءم.
وعلى الرغم من ان نشأتها الاولى كانت بدوافع عسكرية حيث استخدم الاشوريون موضعها ليكون مكانا لقلاع استحكامية ومحطة للانذار المبكر لمدينة نينوى من غارات القبائل العربية التي كانت تستوطن منطقة الجزيرة.
وليس ادل على ذلك ما تشير اليه النصوص الاثارية التي دونها الاشوريون على جدران مدينة النمرود (العاصمة الثانية للاشوريين بعد مدينة اشور) انه في زمن شلمنصر الثالث بحدود 850 ق.
م.
اغار الملك الاشوري على جنديبا ملك العرب في منطقة الجزيرة.
لفرض الجزية عليه والحاقه بالامبراطورية الاشورية.
اذ كان الاشوريون ينظرون بريبة الى العرب في منطقة الجزيرة.
الامر الذي دفعهم الى انشاء قلعة استحكامية على الضفة اليمنى لنهر دجلة وفي الفترة التي اعقبت نشأت مدينة نينوى.
وبقيت هذه القلعة نقطة عسكرية ومحطة للانذار المبكر للمدينة.
وعند سقوط مدينة نينوى في عام 613 ق.
م وتشتت سكانها.
لجأ قسما منهم الى موضع مدينة الموصل للاحتماء به.
وبذلك فان مدينة الموصل – البذرة- استفادت من الاهمية الموقعة لها في استثمار الخاصية المركزية لمدينة نينوى.
فضلا عما يمثله هذا الموضع من فرادة في تعدد الانماط الموقعية للمدينة والتي يكفي نمطا واحدا منها لانشاء مدينة.
فهي تعد انموذجا لمدن مقدمات الجبال.
من خلال كونها تقع في منطقة شبه سهلية.
وعلى مسافة من المنطقة الجبلية.
وتسيطر من خلال ذلك على الطرق الورادة او الخارجة من المنطقة الجبلية العراقية.
كما ان نهر دجلة خلق منها انماطا موقعة فريدة.
فهي تعد مدينة التواء نهري.
وقد يكون سبب تسميتها بالحدباء ناتجا من احتداب مجرى نهر دجلة في شمال المدينة.
كما انها مدينة التقاء نهري حيث يلتقي نهر الخوصر بنهر دجلة في الجانب الايسر لمجرى النهر مقابل مدينة الموصل القديمة.
كما يعد موقع المدينة انموذجا لمدن بدايات الملاحة لنهر دجلة فمنها كانت تنقل البضائع بمجرى النهر الى وسط العراق وجنوبه.
كما ان التباين الموسمي لجريان مياه نهر دجلة.
لارتباط الوارد المائي بنظام امطار مناخ البحر المتوسط الذي يغطي جميع مناطق تغذية النهر والذي يتركز سقوطه في فصلي الربيع والشتاء.
وان انحسار مياه النهر في فصل الصيف الجاف جعل مجرى النهر ضحلا في مواسم الصيهود.
الامر الذي سهل اجتياز مجرى النهر.
وبذلك اسبغ هذا الوضع على المدينة بطابع مدن المعابر.
وقد استفاد الاشوريون من هذه الظاهرة بانشاء مجموعة من المعابر الغاطسة التي تعترض مجراه من مدينة الموصل الى جنوب مدينة حمام العليل.
ويطلق على هذه المعيار محليا تسمية (السجر).
لقد انشأ الاشوريون هذه السدود الغاطسة لسببين هما: حجز المياه ورفع مستواها لسقي المناطق المحيطة بمجرى النهر والتي تسمى محليا (بالشاروك).
والسبب الثاني هو في استخدامها كمعابر ثابتة بين ضفتي النهر.
وقد اشارت نتائج المسح الميداني الى ان الاشوريون وضعوا غرف سيطرة على بدايات العبور من جانبي النهر.
اضافة لما تقدم فان المدينة تمتاز بموقعها البؤري او المركزي لاقليم زراعي كبير.
وهو نمط من المواقع التي يطلق عليها بالمواقع العقدية البشرية.
حيث ساهمت الطرق الشعاعية التي تربط المدينة بظاهرها الاقليمي في رسم هذا الموقع.
والذي يبدو كبيت العنكبوت الذي تلتقي عنده كل الطرق.
فضلا عما تقدم.
فان مدينة الموصل ورثت اهميتها الموقعية من جملة من المؤثرات التاريخية والجغرافية.
فالحضارة الاشورية حكمت المنطقة من مدن مسيطرة ابتدأت بآشور قرب الشرقاط الى النمرود ثم الى دور شوركين ثم الى مدينة نينوى واخيرا مدينة الموصل.
ان جميع هذه المدن ذات موقع عقدي طبيعي في جبهة التحام الجبل بالهضبة بالسهل الرسوبي.
وبالتالي فان مدينة الموصل تعد انموذجا اخر للمدن المتوالدة.
حيث ورثت اهميتها الموقعية من مجموعة المدن التي تعاقبت على مكان موقعي عقدي.
ومما اسهم في بناء المدينة واستمراريتها فضلا عن ما ورد اعلاه هو نمطها المناخي الذي يصنف ضمن مناخ الحشائش القصيرة (الاستبس) الحار وهو مناخ انتقالي محصور بين مناخين احدهما رطب نسبيا يقع الى الشرق والشمال من المدينة ممثلا بالمنطقة الجبلية يطلق عليها مناخ البحر المتوسط للمناطق المرتفعة والمناخ الصحراوي الحار والجاف (Csb) ممثلا في الجهات الواقعة غرب وجنوب المدينة ممثلا بالمناخ الجاف المداري (Bwhw).
ان هذه الصفة البينية بين مناخين محتلفين جعل المدينة تتناوب عليها خصائص المناخ الرطب والجاف تبعا لسيادة أي نمط منهما في سنة معينة وبالتالي جعل المدينة متميزة بخصائص فصلية واضحة المعالم.
فصلا رطبا وهو فصل الشتاء وفصلا جافا وهو فصل الصيف.
ويبرز بينهما فصلين انتقاليين هما فصلي الربيع والخريف الامر الذي انطبع هذا الواقع المناخي على تميزها بمسمى ام الربيعين.
وعلى الرغم من ذلك فان المدينة انطبعت بفصلين واضحين هما الصيف والشتاء الامر الذي جعل مناخ المدينة العام يتسم بالمناخ القاري نظرا لبعدها عن المسطحات البحرية من جهة والتباين الكبير في معدلات حرارة الصيف والشتاء.
والليل والنهار.
وقد خططت المدينة منذ الوهلة الاولى الى خطة عضوية طبيعية.
امتازت بتباين اشكال البلوكات الوظيفية واتجاهاتها واطرها المساحية.
وقد قطعت شوارعها بما يتواؤم والخطة العامة فالشوارع على العموم قليلة الاتساع وغير واضحة الاتجاه تتفرع منها ازقة ضيقة واخرى عمياء.
وهذا لم يمنع بوجود فضاءات واسعة نسبيا عند تقاطع الشوارع الرئيسة تستثمر لاغراض تجارية او مناطق ملائمة لتجميع اكثر عدد من السكان.
كما ان بعض الازقة استغلت فضاءاتها بالقناطر لسد متطلبات سكنية.
ان هذه الخطة هي من اكثر الخطط التي سادت في مدن الحضارات القديمة من خلال استثمار كثيف لوحدة المساحة فضلا عن مواءمتها لخصائص المناخ المتطرف الذي تمتاز به المدينة من خلال توفيرها للضلال في فصل الصيف الحار والطويل.
والحماية من الامطار والرياح الباردة في فصلي الشتاء والربيع.
يضاف الى كل ذلك الدافع التعبوي للخطة لأن هذه المتاهات في الشوارع وضيقها يجعل من الصعب دخول اعداد كبيرة من القوات الغازية.
وسهولة السيطرة على المتسللين.
وكان الهاجس العسكري بارزا في خطة مدينة الموصل القديمة من خلال احتمائها بمجرى نهر دجلة من الشرق.
وانشاء قلاع استحكامية عند شمال المدينة للدفاع عنها واحاطتها بسور يؤطر الحيز الحضري يحوي على ثلاثة عشر بابا تتحكم بمداخل المدينة.
ومن الجدير بالملاحظة ان المدينة على الرغم من عمرها الطويل الا انها استمرت في موضعها الاصلي عند الضفة اليمنى لنهر دجلة.
ولم تعبر نهر دجلة الا في منتصف القرن العشرين وخاصة بعد السيطرة على فيضان نهر الخوصر الذي كان كثيرا ما تغمر مياه فيضانه هذا الجانب.
وان جميع المناطق الواقعة في الجانب الايسر.
وجميع المناطق التي تقع بعد شارع ابن الاثير في الجانب الايمن هي مناطق حديثة نسبيا ولم تدخل ضمن مفهوم مدينة الموصل القديمة التي تتكون من 36 محلة سكنية وتغطي مساحة لا تتجاوز 3.
8 كم2.
وهي لا تشكل الا 2% من مساحة مدينة الموصل المعاصرة.
2015-09-18

روابط اخرى