The Best Street Style Looks from New York Fashion Week

المحرر: عمر عبد الغفور القطان | عدد المشاهدات: 952
واجهت الساحة الإسلامية في أواخر القرن الخامس الهجري – الحادي عشر الميلادي ظروف صعبة وكتب على الموصل ان تتصدى حالها كباقي المدن الشامية القريبة منها لما يتعرض له المشرق الإسلامي من هجمة صليبية(الفرنجة) شرسة كانت تهدف إلى الإطاحة بالكيان الإسلامي في الشام وإقامة كيانات صليبية على أنقاضه واستغل الصليبيون فرصة ضعف العالم الإسلامي نتيجة فرقته آنذاك واستطاعوا تحقيق هدفهم بإقامة إمارات لهم في الرها وإنطاكيا وطرابلس وبيت المقدس .
وكانت القوى الإسلامية في حالة ضعف وانقسام فخليفة بغداد لا حول له ولا قوة إلى جانب السلاجقة الذين دخلوا بدورهم منذ أواخر في القرن الخامس الهجري بينما كانت الخلافة الفاطمية في حالة من الضعف والتمزق.
ومن هنا برزت تضحيات الموصل المدينة التي اخذ رجالها على عاتقهم مهمة التصدي للعدوان ورفعوا شعار الوحدة الإسلامية هي السبيل الوحيد لصد العدوان وطبقوا هذا الشعار قولا وعملا ما وسعهم الجهد .
وظهر في تلك الفترة شخصيات إسلامية كان لها دور مشرف بكل ما حملته من ايجابيات وسلبيات.
فعلى الرغم من إن الدولة الزنكية في الموصل وحلب كانت على صراع شبه مستمر حول السيطرة على مناطق النفوذ مع القائد المسلم صلاح الدين لكن في الفترات الحاسمة في مواجهة مع الصليبين كانت صفوف المسلمين تتوحد لصدهم.
لاشك شخصية الفرد هي التي تحدد انجازاته إلى حد كبير فان كانت شخصية خيرة محبة للعمران متفتحة للحياة على كل شيء من الدراية السياسية تستطيع إن تنجز انجازات حضارية كثيرة .
وكان من بين تلك الشخصيات مجاهد الدين قايماز نائب الموصل قال عنه ابن الأثير في الكامل حوادث سنة 595هجرية (بأنه كان عاقلا دينا خيرا فاضلا يعلم الفقه على مذهب أبي حنيفة إما ابن الساعي صاحب الجامع المختصر فقال(كان عاقلا دينا خيرا فاضلا يعرف شيئا من الفقه الشافعي ويحفظ من الشواهد والإشعار والحكايات شيئا كثيرا وكان كثير الصوم )بينما يذكر ابن كثير في البداية والنهاية بأنه(كان دينا خيرا على مذهب الحنفية كثير الصيام والقيام في الليل يذاكر في الأدب والإشعار والفقه) وذكر ابن خلكان وفيات الأعيان بأنه(كان كثير الخير والصلاح بنا عدة أبنية في اربل والموصل وغيرها وله شيء كثير من وجوه البر ومدحه الشعراء)وابن واصل في كتابه مفرج الكرب شار إلى انه (كان دينا عادلا وهو الذي ينسب إليه الجامع المجاهدي بظاهر الموصل )واشار ابن تغري بردى في النجوم الزاهرة الى انه اشتهر بالدين والصلاح والتعبد والكرم ويطري بما يتصدق به يوميا غير ما التزم بدفعه من الرواتب للعباد.
وكذلك الحال لابن المستوفي .
فمن هو مجاهد الدين قايماز أبو منصور قايماز بن عبدالله الزيني الملقب مجاهد الدين الرومي ويعود أصله إلى سجستان .
ظهرت عليه النجابة والذكاء فأخذه زين الدين علي بكتكين من بلده صغيرا وهو احد مماليك قسيم الدولة والد عماد الدين زنكي مؤسس الاتابكية في الموصل والذي أصبح نائبا للاتابكية في الموصل .
ونظرا لوفائه قدمه زين الدين على اقرأنه وجعله اتابكا لأولاده في اربيل ومنحه ثقة تامة منذ عام 559- 1164م .
وظل مجاهد الدين قايماز يقوم بما عهد إليه من مهام خير قيام واستطاع بإدارته الحكيمة ان يكسب ود أهل اربيل نائبا عن زين الدين الذي كان يشغل نيابة الحكم في الموصل الزنكية .
لما توفي زين الدين على كوجك عام 563- 1168م أصبحت اربيل وتوابعها أمانة في عنق مجاهد الدين وكانت اربيل تحت إدارة مشتركة بينه وبين مظفر الدين كوكبوري ابن زين الدين ويذكر ابن الأثير إن الحكم كان في اربيل بيد مجاهد الدين وحاول كلاهما التخلص من سيطرة الأخرى فمظفر الدين يريد الاستقلال باربيل عن الموصل أما مجاهد الدين فيريد إبقائها ضمن إدارة الموصل وتمكن قايماز من إبقاء اربيل تابعة للموصل بعد استلام زين الدين يوسف أخ زين الدين حاكم اربيل .
في نفس الوقت كان هناك صراع بين جيش الإمارة الزنكية و جيش صلاح الدين انتهت بانتصار جيش صلاح الدين في معركة تل السلطان قرب حلب عام 571- 1176م.
وخلال هذه الفترة الحرجة تمكن مجاهد الدين من إن يلعب دور مهم في توقيع الصلح بين الموصل وصلاح الدين عام 572-1177م مما دعا صلاح الدين لتوجيه كتاب شكر للموصل على موقفها النبيل هذا ويمتدح فيه قايماز قائلا(وكذا للأمير مجاهد الدين قايماز أدام الله تأيده في ذلك السعي المشكور والأثر المأثور وتجارة الخير التي لا تبور والعزم الذي يتوضح في ظلام الخطب منه نور على نور فهو مشكور بلسان إحسانه معدود إذا اتسع ميدان الفضل من سبقه وفرسانه) .
نعود إلى إمارة الموصل التي كان قد بدأ واضح إن علو كعب مجاهد الدين قايماز عند سيف الدين غازي الثاني في الموصل جعل والي شهرزور شهاب الدين محمد بن بوزان يتمرد على سيادة الموصل لعداوة مع مجاهد الدين لكن تدخل الوزير جلال الدين الأصفهاني وزير الموصل من خلال رسالة بعثها إلى والي شهرزور فأقنعه بضرورة العودة إلى الطاعة وعدم جدوى العصيان فاستجاب له .
بعد وفاة سيف الدين غازي تولى أخوه عزالدين مسعود بدعم من مجاهد الدين وذلك لكبر سنه وشجاعته وحسن تدبيره.
لعب قايماز دور بعد وفاة الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين محمود عام 577هجري-1181م صاحب حلب الذي أوصى بحلب إلى سيف الدين غازي .
ويرى بعض المؤرخين بان مجاهد الدين كان ضمن المؤيدين لترك حلب لحكم نور الدين محمود مقابل سنجار وتوابعها وكان يعتقد إن صلاح الدين لن يتوقف حتى الاستيلاء على حلب وفي نفس الوقت كانت علاقة مجاهد الدين سيئة مع مظفر الدين (صاحب اربيل) فقد كان قايماز السبب في إخراجه من أدارة اربيل فدار في البلاد حتى استقر أخيرا في كنف صاحب الموصل وأميرها سيف الدين غازي الذي اقطعه حران واستقر بها وقاتل إلى جانب قوات الموصل في معركتي قرون حماة وتل السلطان .
وبعد إن تولى مظفر الدين أمر قلعة حلب سنة 577هجري- 1181م بدأ بالاتصال بصلاح الدين وتشجيعه على الهجوم على الموصل انتقاما من مجاهد الدين قايماز وحوصرت الموصل فعلا عامي 578و581هجري 1182-1185م واشرف مجاهد الدين على أمور الدفاع عن الموصل بأمر عزالدين مسعود وقام باجراءات من شأنها تقوية الدفاعات ورفع معنويات الجند وجلب مواد الحصار والأسلحة وقام بتوفير الغذاء اللازم لئلا ترتفع الأسعار وفشل الحصار الأول وغادرت قوات صلاح الدين إلى سنجار وتمكنت من السيطرة عليها وسيطر بعدها على حلب عام 579هجري -1183م وتم اعتقال مجاهد الدين وسجنه في نفس السنة ولم يطلق سراحه إلا بعد عام حيث كلف بأمر التصدي للحصار الثاني اتصل بأمير أذربيجان الذي زوده بالجنود وخرج بهم إلى اربيل بعد إن انحازت إلى صلاح الدين الذي تحرك باتجاه الموصل لحصارها للمرة الثانية سنة 581هجري- 1184م .
ولكن لتطورات حصلت في منطقة الجزيرة أجبرت صلاح الدين بفك الحصار وكان لتطور الإحداث ما دعا الدولة الزنكية وصلاح الدين العمل بجد من اجل الصلح ونبذ الفرقة للتصدي للصليبين وأثمر عن توقيع صلح حران في 2-أيار -1185وكان على رئاسة الساعين لتحقيقه الصلح مجاهد الدين ليتفرغ المسلمون لمواجهة الصليبين وبعد فترة قررت الموصل الانضواء تحت لواء صلاح الدين وانصرف مجاهد الدين إلى أعماله العمرانية وإصلاحاته الاجتماعية بين الفترة 589-607هجري 1193-1211م ظل مجاهد الدين في خدمة نور الدين ارسلان شاه صاحب الموصل وخاصة بعد وفاة صلاح الدين589هجري-1193م .
وقبل وفاة عز الدين مسعود أراد إن يبايع ولده نور الدين ارسلان ولي للعهد حيث رفض الأمراء مبايعته ألان تدخل ابن الأثير الذي اقنع مجاهد الدين بضرورة ذلك وبعد رسالة من عز الدين أمير الموصل يأمره بإنهاء الفوضى فأرسل وقام بأخذ البيعة لنور الدين وكان قد حاول أخوه عز الدين شرف الدين إن يحصل على ولاية العهد استمر قايماز يوجه دفة السياسية في الموصل نائبا لنور الدين ارسلان شاه لما تبقى من من حياته فتوفي بقلعة الموصل في ربيع الأول عام 595هجري-كانون الاول1199م.
كان مجاهد الدين قد قام بالعديد من المشاريع من بينها إنشاء المدرسة المجاهدية في اربيل وأوقف عليها الأوقاف وإنشاء رباط للصوفية وأهل العلم وعند انتقاله للموصل بنا جامعا كبيرا سنتناوله ومدرسة ورباطا ودار لرعاية الأيتام وإنشاء جسر المجاهدي وهو ثاني جسور الموصل وأقام قيسيارية ولكن ابرز انجازات الرجل هو بناء الجامع ألمجاهدي في رابضة الموصل السفلى خارج سور الموصل مطل على نهر دجلة .
يقع اليوم قربه جسر الحرية ويعرف بين الناس بجامع الخضر والجامع الأحمر أمر بتشيده مجاهد الدين قايماز 572 هجرية - 1176م وتم عام 576هجري - 1180م ولم يدخر مجاهد الدين قايماز وسع في إتقان بنائه وتحليته أشاد به كل من شاهده من الرحالة والمؤرخين فهذا الرحالة العربي ابن جبير الذي زار مدينة الموصل سنة 580هجري-1185م يقول في وصفه (بنى مجاهد الدين قيماز جامعا على شط دجلة لم أرى وضع جامع احفل منه بناء .
يقصر الوصف عنه وعن تزيينه وترتيبه وكل ذلك نقش في الأجر إما مقصورته فتذكر بمقاصير الجنة ويطيف به شبابيك حديد تتصل بها مصاطب تشرف على دجلة لا مقعد اشرف منها ولا أحسن )وذكره ابن بطوطة الذي كان في الموصل عام 728هجري-1329م وسجل إعجابه فيه .
وذكره الرحاله الأوربي نيبور حين زار الموصل سنة1180هجري- 1766م.
وممن زاره المنشئ البغدادي الذي زار الموصل سنة1237هجري- 1822م.
الجامع بدون مآذنه وضل يستخدم في الصلاة منذ إكماله والى يومنا هذا واهتم بتعميره وترميه من حكم الموصل فهناك أكثر من كتابة تذكاريه تثبت تلك التعميرات فاحدها تذكر انه عمر عام1139هجرية -1727م وأخرى تشير إلى تجديد أخر عام 1262هجرية - 1846م ورغم هذه الترميمات فان الجامع مازال يحتفظ بشكله الأول ويظهر ان إعمال الترميم اقتصرت على بناء ما قد تهدم منه او تبيضه وإضافات بعض الأبنية إليه الجامع متين البناء مشيد بطابوق وجص وحجر وجص .
ويشغل في الوقت الحاضر مساحة ارض سعتها 2100متر مربع يتألف من مصلى بسعة 400متر مربع وصحن كبير نسبيا ومصلاه مستطيل الشكل إبعاده 25مترفي15متر من الداخل ويشغل القسم الجنوبي الغربي من الأرض الخاصة به وتخطيط المصلى فريد من نوعه يتألف من ثلاث اساكيب بثلاث بلاطات ويتكون من مصلى شتوي وأخر صيفي فالمصلى الشتوي فيه مغلق يشغله اسكوبان فقط إما الصيفي فمفتوح ويطل على الصحن بخمسة بوائك عقودها مدببة تستند على أعمدة رخامية مربعة ومتوجة ومعقدة يتميز المصلى الشتوي بصفات تجعله فريد ونموذجا أقدم لعدد من المساجد والجوامع التي بنيت بعده فبلاطة المحراب فيه مربعة وجعلت كذلك لتسهيل مهمة إقامة قبة هي الأولى بين قباب جوامع العراق إما الجدران التي تحمل القبة فسميكة ومتينة ومرتفعة قياسا بجدران الجامع الأخرى وجعل المعمار أقواس بلاطة المحراب مدببة منفرجة عمودية على جدار القبلة بخلاف بقية الأقواس التي توازي جدار القبلة وتتصف قواعد هذه العقود بضخامة واضحة لتتحمل ثقل القبة والمرحلة التحويلية واستغل المعمار المرحلة التحويلية من القاعدة المربعة إلى دائرة لزيادة قاعدة القبة فجعلها مدرجة وفتح في كل ضلع فيها نافذة تدخل الضوء إلى المصلى وتساعد على حركة الهواء تجلس القبة ذات الرقبة القصيرة نسبيا وذات الشكل نصف الكروي المدبب قليلا على هذه القاعدة وتدور حول هذه القبة سلسلة من حنايا ذات إشكال هندسية منخفضة ومكسية بقراميد زرقاء شذرية ويبلغ ارتفاع القبة عن مستوى سطح الأرض بحدود عشرين متر ويتصل المصلى الشتوي بالمصلى الصيفي بثلاث أبواب احدها يتوسط المصلى ويقع على الخط المحوري للمحراب الداخلي عرف جامع مجاهد الدين بمحرابه الجميل الذي يمتاز بدقة الزخارف الجصية التي تزين القسم العلوي منه يتوسط المحراب جدار القبلة ويرتفع 6.
6 متر ويغور بعمق 3.
10 متر بحيث يبرز عن مستوى وجه جدار من الخارج ويتكون من حنية ذات عقد مدبب تقع داخل حنية أخرى اكبر منها ومزينة بنقشة رائعة من التشكيلات الزخرفية النباتية المحفورة في الجص.
2015-07-15

روابط اخرى