
المحرر: فارس خليل عبو الجلو | عدد المشاهدات: 1737
منطقة الساعة في الموصل والتي توجد فيها الكنائس كنيسة مارتوما للسريان الأرثوذكس خلال حقبة الثمانينات من القرن الماضي.
كنيسة القديسة مسكنتة للكلدان .
تعد مدينة الموصل من مدن العراق المهمة والتي توجد فيها كنائس تخص الطائفة المسيحية والتي تعتبر من اقدم الكنائس التاريخية الموجودة في بلدنا العزيز العراق .
.
سنحاول في هذة المقالة ان نتطرق الى اهم الكنائس في مدينة الموصل وتحديدا في منطقة الساعة ومن اهم تلك الكنائس الموجودة هناك : 1- كنيسة مارتوما الرسول للسريان الأرثوذكس.
.
من أقدم كنائس الموصل .
بل أقدم كنيسة موجودة فيها حاليا.
لايعرف تاريخ تأسيسها على وجه التدقيق.
الاأنها كانت عامرة في عهد الخليفة المهدي.
ويرجع قداسة البطريرك زكا عيواص تاريخ وجودها الى أبعد من ذلك اذ يقول (ومعروف لدينا من الوجهة التاريخية انها كانت عامرة في أوائل القرن السابع في عهد المطران خريسطفورس).
وهناك تقرير يفيد .
بأنها كانت مسكنا لأحد المجوس فلما أمن حوله الى دار للعبادة.
وأن مارتوما الرسول حلّ في هذه الدار وهو في طريقه الى الهند.
وقيل ايضا انها كانت أصلا معبدا للمجوس فحول الى كنيسة بعد أهتدائهم.
ومهما يكن من أمر.
فأن هذه الكنيسة قديمة جدا وتقع تحت مستوى الأرض بنحو ثلاثة أمتار وينزل اليها بدرج.
طولها 23 متر وعرضها 26 متر وهي مؤلفة من كنيستين صغرى وكبرى.
والصغرى أقدم وأكثر انخفاضا.
ولماشيدت الكبرى ردمت الصغرى الى النصف كمايبدو لتصبح بمستوى الحديثة.
لقد شهدت هذه الكنيسة عمليات ترميم عديدة وكالأتي: 1- في عام 1744 بأذن حسن باشا الجليلي والي الموصل على أثر أندحار نادرشاه طهماسب.
وبهمة المطران قورلس جرجيس (البطريرك جرجيس الرابع) 2- في عام 1848 اجري عليها ترميم جذري شامل في عهد المطران مارغريغوريوس بهنام (المفريان بهنام الرابع) 3- في عام 1929 وبأيعاز من البطريرك الياس الثالث أجريت عليها ترميمات أخرى وأضافات.
4- في عام 1964 وفي عهد المطران مارسيوريوس زكا عيواص (البطريرك زكا الأول عيواص فيمابعد) أجريت ترميمات أخرى وصب سطحها بالكونكريت المسلح وأكتشف خلال هذه الترميمات أهم حدث شهدته هذه الكنيسة حيث أنفتحت ثغرة في أحد أعمدة الكنيسة وظهر فيها جرن حجري .
ولما فتح وجد بداخله قطع صغيرة من العظام والبخور.
وقد زبر على الجرن ولسريانية والخط الأسطرنجيلي عبارة (مارتوما) وبالخط السرياني الغربي (الذي تلمذ بلاد الهند).
فشيد لهذه الذخائر مقام لائق بها.
وكنيسة مارتوما كانت كاتدرائية والى جوارها كانت تقوم دار مطرانية الموصل للسريان الأرثوذكس لغاية عام 1988 حيث نقلت المطرانية الى جانب كاتدرائية مارأفرام التي شيدت عام 1988 في الجانب الأيسر من مدينة الموصل.
ونظرا الى أهميتها التاريخية والأثرية فقد أدرجت في دليل السياحة العالمي.
هذا وفي الكنيسة مدفن للأباء يضم عدد من رفات البطاركة والمفارنة والمطارنة .
وقد نقش تاريخ وفاة بعضهم على الضريح.
والى جانب الكنيسة يوجد بناء كان لفترات طويلة مدرسة مارتوما الأبتدائية (فيما بعد مدرسة الغسانية للبنين والبنات) وقد خرجت هذه المدرسة ولأجيال عديدة عدد كبير ومن أطباء ومهندسين ومثقفين ومفكرين عملوا في كافة المجالات وخدموا مدينة الموصل بكل تفاني وأخلاص.
وعندما كانت كنيسة مارتوما كاتدرائية ومقر مطرانية فقد سكن فيها عدد من المطارنة الذين خدموا أبرشية الموصل للسريان الأرثوذكس ومنهم: 1- المثلث الرحمات الملفان المطران مارغريغوريوس بولس بهنام : رسم مطرانا على أبرشية الموصل عام 1952 وبقي في خدمة الأبرشية الى عام 1960 حيث نقلت خدماته الى القدس ومن ثم الى أبرشية بغداد حيث تولى أبرشية بغداد من عام 1962 ولغاية وفاته عام 1969.
كرسَّ المطران بولس بهنام حياته لخدمة الوطن والكنيسة .
وبذلها في سبيل عزهما ومجدهما .
وبقي أميناً على الوديعة التي تسلمها من الآباء بعطاءاته الثرة وخدماته الجليلة ومواقفه الوطنية التي تدعوا الى المحبة والسلام .
2- قداسة البطريرك مار أغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية في العالم: تولى المطران مارسيوريوس زكا عيواص مقاليد أبرشية الموصل عام 1963 ولغاية عام 1969 حيث نقلت بعدها خدماته الى أبرشية بغداد لغاية عام 1980 حيث أنتخب بطريركا وعاش في المطرانية لست سنوات وكان مثالا يقتدى به لمحبته وقلبه الطيب ويتذكره جميع من عاشوا في منطقة الساعة في تلك الفترة لرحابة صدره و مواقفه التي تنادي بالمحبة والألفة بين أبناء الموصل.
وفي عهده تم اكتشاف ذخائر مارتوما الرسول كما ذكرنا اعلاه في ترميمات الكنيسة.
وقد ورد أسم البطريرك زكا عيواص في كتاب (موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين) للعلامة الدكتور عمر محمد الطالب.
3- نيافة المطران ماغريغوريوس صليبا شمعون : تولى نيافة المطران صليبا شمعون مقاليد أبرشية الموصل منذ عام 1969 ولغاية الأن وقد عاش عشرون سنة في المطرانية بالساعة ولغاية عام 1988 ويعرفه القاصي قبل الداني في الموصل عامة وفي منطقة الساعة وحواليها خاصة حيث كانت له ولا زالت علاقات يسودها المحبة والأحترام مع عدد كبير من أعيان الموصل والطوائف المسيحية وغير المسيحية فيها .
ولديه العديد من المواقف الوطنية التي تدعوا الى السلام والمحبة وخاصة خلال الفترة السوداء التي مرت على الموصل مابعد 2003 ولحد الأن.
وبرغم الظروف الصعبة التي شهدتها وتشهدها الموصل لاتزال بقوة الله أبواب هذه الكنيسة مفتوحة للمؤمنين في أيام الأحاد والأعياد الدينية .
ونرفق لكم مع هذا الموضوع بعض من صور كنيسة مارتوما للسريان الأرثوذكس خلال حقبة الثمانينات من القرن الماضي.
2- كنيسة مار أحودامة (مار حوديني) للسريان الأرثوذكس : أسست هذه الكنيسة على أسم أول مفارنة الشرق في تكريت القديس الشهير مار أحودامة وتسمى أيضا كنيسة (السعيد) او الكنيسة القديمة (العتيقة).
وقد شيدها التكارتة النازحون من الموصل وهي قديمة جدا بدليل أنخفاضها عن مستوى الأرض ببضعة أمتار ينزل اليها بدرج.
تقع في المحلة المعروفة اليوم ب (الشيخ محمد) الخالية تماما من المسيحيين.
وقد أقيم الى جانب الكنيسة جامع باسم (جامع التكريتي) وهو متداخل مع الكنيسة.
لقد مرت هذه الكنيسة بظروف قاسية واليمة تركت فيها بعض أثار التدمير والتكسير كالصليب النقوش على الباب الملوكي والمكسور بضربة مطرقة.
لقد أجريت عدة ترميمات على هذه الكنيسة.
والمعروف منها تلك التي نفذت عام 1896 وأرخت بكتابة عربية موجودة تحت الرواق في الباحة.
وكان ذلك في عهد المطران بهنام سمرجي وقد أنجز هذا الترميم على نفقة الدولة .
بتوسط السيد جرجيس سرسم لدى الوالي عزيز باشا الذي استحصا أذنا من أسطنبول بترميم الكنيسة والمسجد المحاذي لها.
وتم الترميم الأخر عام 1929 بتوجيه من البطريرك الياس الثالث.
وفي سنة 1971 أجريت عليها تعديلات هامة بسبب المياه التي تسربت اليها والتي لاتزال تغمرها فأقيمت فيها دعائم جديدة وهدم سقفها وصب بالكونكريت المسلح .
وشيدت عليها كنيسة حديثة .
نقل اليها الباب الملوكي والمذبح.
3- كنيسة شمعون الصفا للكلدان : وسميت على اسم القديس بطرس {شمعون بطرس } ويذكر المطران يوسف الصائغ انها بنيت نهاية القرن الثالث الميلادي .
وكانت الى وقت قريب تضم الكثير من القبور وحاليا الكنيسة مهملة .
4- كنيسة مار كوركيس للكلدان : وهي من كنائس الموصل القديمة وتقع في محلة الجولاغ وتقع بعد كنيستي مارتوما للسريان الأرثوذكس والكاثوليك بنفس الحارة (العوجي) بأتجاه منطقة خزرج وهي الان مثل كنيسة الصفا دون مستوى الشارع وتشبهها في امور عديدة .
وفي عام 1931 شيدت فوقها كنيسة حديثة والجزء المنخقض منها كان مقبرة والكنيسة الحديثة كان يصلي فيها الاخوة الاثوريين قبل ان تبنى كنيستهم (كنيسة مريم العذراء) في حي النور.
5- كنيسة القديسة مسكنتة للكلدان : كنيسة الشهيد مسكنته في الموصل تعد الكنيسة الوحيدة في العراق تحمل اسم القديسة الشهيدة ويرتبط مسيحييو المدينة مع القديسة بروابط المحبة لتلك الشهيدة التي قدمت نفسها قربانا للرب حيث يذكر التقليد عن سيرتها أنها كانت إحدى شهداء كركوك في عهد الوالي طهمز كرد سنة 409 حينما سمعت باضطهاد المسيحيين فتركت خبزها وأخذت ولديها وطلبت من الوالي الإسراع في تحقيق استشهادها وبعد الإلحاح ضرب الوالي عنق ولديها بالسيف وأخيرا عنقها ولما رأى شجاعتهم أعلن حالا مسيحيته واستشهد هو أيضا على مثالهم.
ويظن أنها ترتقي في تأسيسها للجيل العاشر الميلادي وفي حوالي 1850و1851 قام البطريرك يوسف اودو بتجديدها فيما قام البطريرك يوسف عمانوئيل الثاني بتجديدها ثانية عام 1904 ورممت في عام 1947-1948 من قبل المعاون البطريركي المطران اسطيفان كجو وفي عام 1954 نقل المطران سليمان الصائغ برج ناقوسها الى موضعه الحالي وشهد عام 1976 تجديدا أخر للكنيسة تم على عهد المطران عمانوئيل ددي ويبلغ طول الكنيسة من الداخل 37م فيما يبلغ عرضها16 م وتشمل على ثلاث مذابح مع حنيات وزخارف وأعمدة رخامية وتحتضن ذخائر الشهيدة في بيت القديسين وبقايا الكنيسة القديمة وكتب عنها الأب الراحل يوسف حبي في كتابه المعنون (كنائس الموصل ) الصادر عام 1980 مايلي :"هي كاتدرائية مطرانية الكلدان في الموصل وقد كانت منذ أوائل القرن التاسع عشر وحتى عام 1960 كاتدرائية بابل على الكلدان وشيدت على اسم القديسة مسكنته (شيرين ) وابنيها في حدود القرن العاشر ويأتي أقدم ذكر لها في مخطوطة مكتوبة سنة 1212 كما عثر في التجديد الأخير سنة 1976 على صناديق خشبية قديمة وذخائر قديسين معروضة حاليا في بيت القديسين ومن اثار الكنيسة الأخرى الباب الملوكي المزخرف والمكتوب والنقوش المرمرية التي تزين المذبحين وما فوق الأعمدة والحنيات الخطية الكرشونية وترجع كلها الى تجديد سنة 1851 وقد جرى توسيع الكنيسة عام 1904 وتشتهر الكنيسة باحتفالاتها الدينية الفريدة وفيها أضرحة مهمة كشاهدي البطريرك ايليا عبو اليونان والبطريرك يوسف عمانوئيل الثاني".
وكانت هذه الكنيسة فترة طويلة مقر كرسي بطريرك بابل على الكلدان ثم مقر ابرشية الموصل الكلدانية الى ان انتقل مقر الابرشية الى كنيسة الطهرة بعد ان شيد المرحوم المطران كوركيس كرمو فيها الابرشية .
خدم فيها اباء كثيرون اصبح منهم مطارنة وبطاركة وقد كانت الى فترة السبعينات يحيطها بكثافة العوائل المسيحية وخاصة في محلة المياسة والكنيسة قريبة من معهد مار يوحنا الحبيب الذي تخرج منه مئات الاباء وكذلك مدرسة شمعون الصفا التي تخرج منها الاف الطلبة الذين اصبحوا رواد النهضة والازدهار في مدينة الموصل .
وبالعودة للظروف الأمنية فقد نالت الكنيسة خلال الأعوام السابقة نصيبها من محاولات الاستهداف كان أحداها عام 2004 بمحاولة تفجير باب الكنيسة والمحاولة الثانية تزامنت مع عملية التهجير التي جرت أحداثها خريف عام 2008 بتفجير الباب الخلفي للكنيسة.
2015-07-14