
المحرر: | عدد المشاهدات: 116
الكاتب - قلم رصاص
يبدو أن العراق بات على أعتاب مرحلة سياسية أكثر تعقيداً وخطورة، مع تصاعد حدة الأزمات الداخلية والخارجية وتداخل الملفات الحساسة. فالمشهد العام ينبئ بأن البلاد وصلت إلى نهايات "الفرصة الأخيرة"، وسط حالة من الشلل السياسي، والاحتقان المتصاعد بين مختلف الأطراف.
داخلياً، يزداد التوتر بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، بعد أن منحت الأخيرة مهلة لا تتجاوز 48 ساعة لبغداد من أجل إرسال رواتب موظفي الإقليم المتأخرة منذ شهرين، وحل الملفات العالقة الأخرى. المعلومات تشير إلى أن أربيل أبلغت واشنطن مسبقاً بما تنوي اتخاذه، ما يضفي بعداً دولياً على الأزمة. ويُتوقّع أن يتخذ الإقليم، مساء الجمعة الــ 11 من تموز، موقفاً حاسماً قد يؤدي إلى هزّ المنظومة السياسية من جذورها.
في السياق ذاته، لم يكن التحرك الكردي هو الوحيد الذي أربك المعادلة، إذ خرج زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر عن صمته، ملوّحاً بـ"الكارت الأصفر" بوجه الإطار التنسيقي، عبر نشره "الوثيقة الوطنية" التي تعود إلى عام 2021، ووقّع عليها قادة كتل من الإطار آنذاك. الوثيقة تضمنت 16 بنداً من بينها حصر السلاح بيد الدولة، وتعديل الدستور، وإقرار قانون النفط والغاز، وتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد، وهي بنود ظلت حبيسة الورق دون تنفيذ فعلي. موقف الصدر أعاد خلط الأوراق وأثار تساؤلات حول نواياه المستقبلية، خاصة في ظل تأكيده عدم خوض الانتخابات المقبلة.
أما خارجياً، فتشهد العلاقة بين حكومة الإطار التنسيقي وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توتراً متزايداً. واشنطن صعّدت من لهجتها تجاه الفصائل المسلحة، وفرضت قيوداً جمركية أثّرت على السوق العراقي، في إشارة إلى وجود ضغوط متعددة الاتجاهات، سواء أمنية أو اقتصادية.
إقليمياً، يبقى خطر عودة المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية في صدارة الاهتمام، لا سيما في العراق، حيث تزداد المخاوف من تحوّل الأراضي العراقية إلى ساحة مواجهة مباشرة. هذه الفرضية باتت أقرب إلى الواقع في ظل استمرار الفصائل المسلحة في رفض تسليم سلاحها أو النأي بنفسها عن التوترات الإقليمية.
ختاماً، المشهد العراقي يعيش لحظة حرجة تتقاطع فيها العوامل الداخلية مع الضغوط الخارجية. ومع انسداد أفق الحلول السياسية، وتآكل الثقة بين الشركاء، يبقى السؤال الأهم: هل ما زال هناك متّسع من الوقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أم أن الطوفان قادم لا محالة؟
2025-07-10