
المحرر: جيلان الجمل | عدد المشاهدات: 4419
لم أكن أتخيل يوما اني سأكتب في الكرة فمعلوماتي عن "كرة القدم" مثل الفضاء الخارجي أي صفر ،ولكني اليوم ساتحدث عن المشاعر الانسانية التي تستهويني وتلتقطها روحي قبل عقلي،وهي تلك التي نتجت عن الساحرة المستديرة وركلة الجزاء الأسطورية التي سددها "صلاح" ،حتي باتت هذه اللحظة المفضلة لدي جموع الشعب المصري نستعيدها عشرات المرات يوميا ونتسمر أمام شاشات التلفزيون كلما عرض هذا المشهد، وكأننا نراه للمرة الاولي وكلنا تركيز علي وجه وملامح هذا البطل.
لقد بدأ هذا الاعب المحترف حياته الكروية من نادي عثماسون في طنطا تحت 15 سنة ومنه للمقاولين بالقاهرة ،ثم بازل السويسري ،لينتقل بعدها للعب في أقوي دوريات العالم حتي أستقر مؤخرا في نادي ليفربول الانجليزي وهو لا زال في مقتبل عمره الا أن حلمه كبير والأهم انه يملك الادوات لتحقيقه حتي أنه أصبح نموذجا لكل شاب مصري يطمح الي النجاح.
وقد نجح صلاح صاحب الأعصاب الفولاذية في اخفاء كل مشاعر الانهيار التي أعترته حين أحرزت الكونغو هدف التعادل قبل انتهاء المباره بلحظات قليلة وكاد ان يضيع منا حلم المونديال ،الا انه قد قام بكل ثبات وهدوء لم أشهد مثلهما في حياتي يحيي الأمل في قلوبنا من جديد ،ويحمل كل انكساراتنا وهمومنا فوق قدمه اليسري الذهبية ليلقي بها في أقصي الجانب الأيمن من مرمي اليأس والخوف الذي سيطر علي قلوبنا ،وحرمنا من الوصول الي نهائيات كاس العالم منذ 28 عاما .
أما "تريزيجيه " نجم الفراعنه فقد مهد الطريق ونجح في انتزاع ركلة جزاء من فريق الكونغو المنافس، قبل ان يسددها صلاح في اللحظات الأخيرة من المباراة ، منقذا مصر من كابوس التعادل القاتل الذي كان سيحملنا الي ملعب غانا وما أدراك ما غانا .
ولنتوقف لحظه هنا عند مشاعر هذا الشعب الأصيل المحب بل العاشق لبلده،الذي هو علي أتم أستعداد لأن ينسي كل لحظات الخوف ومشاعر الحزن والاحباط الذي أصبح ملازما لنا مؤخرا ،نتيجة الغلاء والظروف المعيشة الصعبة والضغوط المحيطة بنا من كل حدب وصوب وعلي رأسها الارهاب الأسود المتربص بنا،مقابل لحظة فرحة واحدة أغلي عندنا من كنوز العالم .لقد جاءت هذه اللحظة بعد ضربة جزاء كانت "وش السعد" علي أكثر من 100 مليون مصري حلقت بقلوبهم عاليا ورفرفت أعلام مصر ابتهاجا بمونديال روسيا 2018 .
اذا هي لم تكن مجرد مباراه علي الإطلاق بل هي أكبر من ذلك بكثير هي مجموعة رسائل موجهه لكل مصري في هذا الوقت العصيب مفادها أن لا نيأس أبدا فقد جاء الفوز بعد أن كدنا أن نفقد الأمل تماما لأننا أقوياء وأصحاب إرادة، ولن يتمكن اي انسان من هزيمتنا معنويا ،ولكن بشرط ان نحب ما نعمل ونتفاني فيه بكل جدية ،ونطور من أنفسنا ونعطي مصر كل ما نملك .
أما الرسالة الثانية يكفينا فخرا أن الفوز جاء في ذكري انتصارات حرب أكتوبر المجيدة فالأولي عبرنا خط برليف وحطمنا أسطورة اسرائيل التي لاتهزم ،والثانية عبرنا حاجز المونديال ولن تؤثر فينا أي حروب نفسية بعد اليوم .
النصر لمصر.
2017-10-13