المحرر: هارون محمد | عدد المشاهدات: 3816
إذا استمرت المرجعية الشيعية الممثلة بآيات الله، علي السيستاني وبشير النجفي ومحمد إسحاق الفياض، تتفرج على سياسات الأحزاب الشيعية، ولا توقف تماديها الطائفي المكرس لتدمير السنة العرب، فإن العراق أو ما تبقى منه بعد الاستفتاء الكردي، مقبل على التشظي والانقسام إلى كيانات مستقلة وربما دول، لا تستطيع أي قوة منع ذلك مهما حاولت أو تدخلت.
وإذا واصل أقطاب الشيعة السياسيون ابتداء من نوري المالكي وعمار الحكيم وإبراهيم الجعفري ومحمد اليعقوبي، وانتهاء بعلي الأديب وحسن السنيد وباقر صولاغ وجلال الصغير وهمام حمودي وغيرهم من عتاة الطائفية، منهجهم في محاربة السنة العرب، والتفنن في اجتثاث الملايين منهم والتضييق عليهم، والاستيلاء على ممتلكاتهم وقطع أرزاقهم، فإن دعوات الانفصال عن الحكومة الشيعية ببغداد، تصبح مبررة ومشروعة، ولا يقدر أي سني مهما كانت منزلته الاجتماعية أو السياسية عالية، الاعتراض عليها، بعد طوفان الدم الذي سفك في حزام بغداد وأحيائها السنية والموصل وديالى وصلاح الدين والأنبار وكركوك وشمال بابل، والخراب المتعمّد الذي طالها وحولها إلى ركام وخرائب.
وإذا لم يتوقف هادي العامري وأبومهدي المهندس وقيس الخزعلي وأوس الخفاجي وأكرم الكعبي وغيرهم من قادة الميليشيات الموالية لإيران، عن تسلطهم واحتلالهم للمناطق والمحافظات السنية العربية، فإن جيلا سنيا مقاتلا سيظهر عاجلا أم آجلا، ويشن حربا عليهم، تحت شعار “يا قاتل يا مقتول” ولن يخسر شيئا، لأنه يدرك أن الاتهامات جاهزة ضده، و“المادة 4 إرهاب” تلاحقه، والموت ينتظره حتى لو كان معوّقا، أو منعزلا في أقاصي الفيافي.
وصحيح أن السنة العرب في العراق انكسروا عقب الاحتلال الأميركي الذي طارد رموزهم وقتل شخصياتهم واعتقل نشطاءهم وأهمل مناطقهم، بتحريض من الأحزاب الشيعية ونظيرتها الكردية، إلا أن مراجعة وتقييم السنوات التي أعقبت الاحتلال، أثبتت أن وسائل التقتيل والتنكيل بهم، زادتهم صبرا وقوّت عزائمهم، وحركة المقاومة ضد الاحتلال وإنجاح مرشحي القائمة العراقية في انتخابات 2010 والاعتصامات السلمية طيلة عام 2013 تشهد لهم.
وقد تأكد سياسيا الآن، أن المحسوبين على السنة العرب من المشاركين في العملية السياسية، سواء كانوا من الحزب الإسلامي أو النماذج المتهافتة على المناصب الهزيلة، وأولئك الذين اصطلح على تسميتهم بـ“سنة المالكي” ما عاد بمقدورهم الادعاء بتمثيل مناطقهم، بعد أن اتضحت مواقفهم الارتزاقية، حتى لو شكلوا مئة حزب، كما في حالة سلمان الجميلي الوزير لثلاث وزارات، التخطيط أصالة والتجارة والمالية وكالة، الذي رد على أعقابه مهزوما وخائبا من الفلوجة التي ذهب إليها، للترويج لحزبه الجديد (المستقبل).
والأمر نفسه ينطبق على النواب سليم الجبوري ومشعان الجبوري وشعلان الكريم وعبدالرحمن اللويزي وأحمد كيارة الجبوري وعبدالرحيم الشمري، وبعض المعممين، من أمثال مهدي الصميدعي وخالد الملا ولطيف هميم، الذين باعوا دينهم وخسروا دنياهم، ولم يكسبوا من التردد على السفارة الإيرانية ببغداد والدعاء بالعمر المديد للولي الفقيه علي خامنئي، غير اللعنات.
وكما قلنا سابقا وتوقعنا انهيار التحالف الشيعي الكردي، لأنه قام أساسا ومنذ الأيام الأولى للاحتلال، على معاداة السنة العرب والعمل على تقزيمهم وتحجيم دورهم، دون أن يعي طرفا التحالف بداية، أنهما يسيران في طريق شائك يقود إلى كثرة الاحتكاكات واتساع الحساسيات بينهما، بعد تضخم مصالحهما وتنافسهما على المكاسب والامتيازات، الأمر الذي أدّى إلى تصادمهما، كما حصل مؤخرا في استفتاء الخامس والعشرين من الشهر الماضي.
وقد عمل رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني بعد تدهور علاقاته مع نوري المالكي على مدّ الجسور مع بعض القيادات السنية واستقبال الملاحَقين من الأجهزة والميليشيات الشيعية في أربيل ودهوك والسليمانية، ومن ثمّ سمح للنازحين من المحافظات التي احتلها مسلحو تنظيم داعش بالتوجّه إلى الإقليم، ليس حبّا فيهم أو تعاطفا معهم، كما يزعم طائفيون أمثال كاظم الصيادي ومحمد الصيهود وعبدالسلام المالكي وعالية نصيف وحنان الفتلاوي، وإنما لاستخدامهم ورقة سياسية ضاغطة، في مفاوضاته المتوقعة مع حكومة حيدر العبادي، التي تعتبر النازحين السنة مواطنين درجة ثانية وغير معنية بإعادتهم إلى ديارهم وتعمير مناطقهم.
لقد لعب حزب الدعوة الإسلامي الحاكم وبدعم إيراني، دورا بارزا في تكريس العداء للسنة العرب واعتبارهم إرهابيين وصَدَّاميين وقاعدة ودواعش، حتى وصل الأمر برئيسه نوري المالكي إلى إجازة الانتقام منهم وقتلهم على الهوية والاسم والعشيرة والمنطقة، لأنهم -في رأيه- يمثلون معسكر يزيد، في وقت تناغم معه حليفه قائد ميليشيا العصائب قيس الخزعلي، عندما وصف أهل الموصل، بأنهم امتداد للأمويين.
إن الاستفتاء الكردي في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وعجز حكومة حزب الدعوة برئاسة حيدر العبادي عن منع تنظيمه، أنعشا آمال شخصيات وقيادات عديدة في الدعوة إلى إجراء استفتاء مماثل في المحافظات والمناطق السنية العربية، لمعرفة آراء سكانها والاطلاع على خياراتهم في إنشاء إقليم مثل إقليم كردستان، خصوصا وأن قانون تشكيل الأقاليم الساري حاليا، يعطي الحق لـ2 بالمئة من ناخبي أي محافظة، التقدم إلى مفوضية الانتخابات بطلب أقلمة محافظتهم، حيث يلزم القانون نفسه، المفوضية بإجراء استفتاء فيها، لذلك لاحظنا في الفترة الأخيرة مساعي حثيثة وتوجهات جادة، وصلت أصداؤها إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وقوبلت بارتياح أغلب سكان المحافظات السنية، لإجراء استفتاء شعبي فيها، على غرار الاستفتاء الكردي.
وبالتأكيد فإن المرجعيات والأحزاب والميليشيات الشيعية، هي التي تتحمل المسؤولية المباشرة عن تقسيم العراق، لأنها تغوّلت على السنة العرب، ومازالت مستمرة في طغيانها، لا يردعها قانون، ولا تحكمها مبادئ إنسانية أو أخلاقية، وبالتالي لا خير في البقاء تحت ظل حكومة ظالمة وفاسدة وطائفية، يقودها حزب الدعوة الإسلامي.