المحرر: علي حسين | عدد المشاهدات: 884
مِن أمتع الكتب التي قرأتها السيرة التي كتبها الفرنسي فرانسو دو كلوسيه لشارد الذهن ألبرت آينشتاين، وكنت في مراهقتي الفكرية أعاني من تضخم الأنا، فأُوهم نفسي بأنني أستطيع فكّ ألغاز أي كتاب، إلّا أن وقعت في امتحان عسير، حين اشتريت ذات يوم كتاب ألف باء النسبية، وكنت أعتقد أن آينشتاين مثل نجوم السينما بشعره المنكوش وقدميه اللتين تنتعلان حذاء دون جوارب، وغليونه ولحظة الشرود التي لاتفارق وجهه، أمضيت أياماً بلياليها أُحاول حلّ لغز الصفحات الأولى من الكتاب، لكني في النهاية استسلمتُ ورفعتُ الراية البيضاء، وأيقنت أن مثل هذه الكتب لا يقربها إلّا الراسخون في العلم، وأنا حتما لست منهم، بدليل أنني حتى هذه اللحظة لم أتمكن من حل لغز الخبر الذي يقول: " ان عصابات داعش استخدمت قنبلة هيدروجينية مصغرة أدت إلى حدوث دمار هائل وانبعاث للغازات السامة " وقبل ان يتّهمني البعض بمحاولة تقليد المرحوم آينشتاين، أُحب ان أُطمئنكم ان صاحب الخبر، هو النائب ماجد الغراوي عضو اللجنة البرلمانية المشكّلة للتحقيق في تفجير الكرادة.
ولأنني مثل ملايين العراقيين أعرف أن مجلس النواب سيضع ملفّ الكرادة في أحد الأدراج ، مثلما وضع من قبل ملفّات جسر الأئمة وتفجيرات بغداد الجديدة ورواية الموصل، وأعرف جيدا ان كل أعضاء اللجنة التي تحقق في جريمة الكرادة، سيستخدمونها مادة في جلسات السمر، وسيخلدون بعدها إلى النوم العميق ، بعد ان يوهموا العراقيين بأن الحكومة اقتصّت من المجرمين.لا شيء سيتغير، كل شيء سيتلاشى، إلّا مأساة أهالي الضحايا ستزداد هولاً وضخامة وفجيعة. البرلمان سيُحيل كارثة الكرادة الى لجنة متخصصة، والمتخصصة ستحيلها الى مهنية، والمهنية ستحيلها الى الرف الذي وسع 2000 تفجير منذ عام 2003 وحتى الآن حسب بيانات الامم المتحدة.
يكتب آينشتاين أن الكذب هو كل ما لدى الإنسان الفاشل، فهو يتصور أنه يستطيع خداع الناس بأن يحاول صرف انظارهم عن الحقيقة، ليستبدلها بمنطق الخرافة، وإلّا كيف تسنّى لنائب ان يتحدث عن تفجير هيدروجيني وهو لايعرف ان مثل هذا التفجير تقدر قوته التدميرية بنحو ألفي ضعف القنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا على اليابان، إبان الحرب العالمية لثانية.ويقال ان العالم النووي الروسي أندريه ساخاروف وهو يشاهد تجربة تفجير القنبلة الهيدروجينية قال:" لقد بدأ وكأنّ ألف جحيم فتحت على العالم "
ذات مرة طلب أحد الصحفيين من آينشتاين أن يشرح له النسبية، تأمّل قليلاً ثم أجاب: إذا كان"أ"يرمز للنجاح فإن المعادلة يجب أن تكون على النحو الآتي: أ = س + ص + ع حيث يرمز" س "إلى العمل وحرف"ص"إلى اللعب.سأله الصحفي عمّا يرمز إليه حرف"ع" فأجابه آينشتاين: إلى إغلاق فمك! وكنتُ أتمنّى على السيد النائب أنْ يغلق فمه احتراماً لارواح الضحايا.