المحرر: تحقيق صحفي لناشط مدني | عدد المشاهدات: 949
مئات النساء العراقيات تحتجزهم السلطات العراقية، من دون تهم محددة، و يتعرضن لتعذيب مستمر و معاملة سيئة، ويتم في بعض الحالات اغتصابهن، حسبما تقول منظمة هيومن رايتس وويتش في تقرير أصدرته بتأريخ (01-02-2014) .
حيث قالت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان، في تقريرها المسمى (لا أحد آمن: انتهاك حقوق المرأة في نظام العدالة الجنائية العراقي)، أن العديد من النساء تعرضن "للاحتجاز طوال شهور أو حتى سنوات دون اتهام"، مشيرة إلى أن قوات الأمن استجوبتهن بشأن أنشطة قام بها أقارب لهن و"ليس بشأن جرائم تورطن فيها هن أنفسهن".
وقالت إنها استندت في تقريرها إلى إفادات سيدات وفتيات قضين فترات في تلك السجون، كما إستندت الى مقابلات مع عائلاتهن ومحاميهن ومع مقدمين للخدمات الطبية في السجون.
المنظمة نشرت على حسابها في يوتيوب فيديو يتضمن شهادة عراقية قالت إنها تعرضت لاعتداءات جنسية خلال فترة احتجازها على يد المستجوبين و الحراس في السجن الذي أقتدن إليه.
وأوضحت المنظمة، أن العديد من النساء اللواتي احتجزن تعرضن لـ "اللاعتداء بالضرب والصفع والتعليق في وضع مقلوب والضرب على القدمين (الفلقة) والتعرض للصدمات الكهربية والاغتصاب أو التهديد بالاعتداء الجنسي من طرف قوات الأمن أثناء استجوابهن".
وبعد مضي أكثر من عام و نصف على صدور التقرير ما زالت قوات الأمن العراقية تواصل اعتقال سيدات مرتكبةً إنتهاكات تتعلق بالاعتداء الجنسي، أو الاعتداء الجسدي أمام الأزواج أو الإخوة أو الأطفال.مسببةً حقد شعبي دفين و فقداً للثقة بين طوائف العراق المتنوعة وقوات الأمن، خصوصاً أن أغلب اللواتي أعتقلن هن من طائفة محددة و مناطق ساحنة ينشط بيها التمرد الذي أحدثه تنظيم الدولة عقب سيطرته على كبريات المدن العراقية في شمال وغربي العراق.
إقرار بأنتهاكات في السجون العراقية
في المقابل، أقر نواب و مسؤولون حكوميون، بارتكاب انتهاكات في السجون بحق نسوة إعتقلن تحت طائلة قانون ( 4 إرهاب )، وقال مسؤول في وزارة حقوق الانسان، إن الشهادات الواردة في تقارير المنظمات الحقوقية صحيحة لكن مبالغ فيها. كما أقر العديد من نواب البرلمان بحدوث أنتهاكات "فضيعة" بحث النساء في السجون، .
عمليات الاعتقال دون تصريح والاحتجاز التعسفي
قالت معظم السيدات اللواتي أحتجزن "إن قوات الأمن اعتقلتهن دون أوامر توقيف ولم تعرضهن على قاض للتحقيق خلال مهلة الـ24 ساعة التي يشترطها قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي. ولم تقتصر هذه الحالات على عمليات الاعتقال الجماعي، فقد وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش تواطؤ قضاةٍ مع قوات الأمن لإصدار تصاريح بعد المهلة المحددة قانويناً، وقال محامون وقضاة ونشطاء لـ هيومن رايتس ووتش إنه في القضايا ذات الخلفية السياسية، يستغني رجال الأمن عن الإجراءات بالكلية، ويجري احتجاز نساء خارج إشراف وزارة العدل لمدد مطولة، من أسابيع إلى شهور في المرة الواحدة بل لسنوات، وهو ما قال أحد نواب رئيس الوزراء صالح المطلك.
معلومات من داخل سجن بغداد المركزي
أم عقيل، وهي موظفة في سجن للنساء: قالت أن "معظم النساء يتم اغتصابهن في مراكز الشرطة، وليس في السجون". وأضافت: "لكن معظمهن لا يتحدثن عن ذلك، خوفا من الخزي". قالت أم عقيل أيضا إن منشأة احتجاز المحكومات بالإعدام تجري اختبار الحمل لهن قبل احتجازهن في المنشأة: "لأننا نتوقع أن يكن قد تعرضن للاغتصاب من قبل الشرطة في طريقهن للسجن".
مأمورة أحد الاقسام في السجن المركزي للنساء في بغداد، قالت انها رفضت قبول النساء اللاتي لم يعرضن على الأطباء قبل دخول السجن خشية إلقاء اللوم على إدارة السجن في الاعتداءات التي ارتكبها ضباط وزارتي الداخلية أو الدفاع. وأضافت المأمورة أنها "تفحص المرأة" جسديا بنفسها، خصوصاً بعد تزايد الإساءات الجنسية والتعذيب على نحو فضيع .
الرشاوي و التواطؤ بين القضاة وضباط الأمن
في ديسمبر/كانون الأول 2012 قام زوج وأبناء سيدة محتجزة دون وجه حق بالتقدم إلى منظمة هيومن رايتس ووتش بمعلومات عن قضيتها، لكنهم طلبوا من المنظمة عدم نشرها حتى تنتهي المفاوضات بين محاميهم والضباط الذين يحتجزونها، والذين كانوا قد طلبوا 50 ألف دولار أمريكي مقابل الإفراج عنها. قال زوج السيدة المحتجزة: "إن أقصر وأسهل الطرق لاستعادتها هو الرشوة". وبعد أن دفعت الأسرة جانباً من المبلغ المطلوب، تدخلت "لجنة الحكماء" وسهلت إفراج السلطات عن السيدة، التي لم توجه لها السلطات أي اتهام رسمي قط.
وفي 13 حالة موثقة في هذا التقرير، انتظر مسؤولو الأمن لمدة أطول بكثير من المهلة المفروضة في قانون أصول المحاكمات الجزائية لعرض السيدات على قاض للتحقيق. وبحسب الشهادات المقدمة من هؤلاء السيدات والمحامين الذين يترافعون عنهن، فإن السيدات المحتجزات بعد العرض على قضاة التحقيق، لا يحصلن من هؤلاء القضاة على تدابير الحماية المكفولة لهن بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية أو الدستور العراقي.
أغلبية المحتجزات قلن إن قضاة التحقيق أمروا بتمديد احتجازهن أو توجيه الاتهام إليهن إما دون أدلة، أو على غير أساس سوى اعترافات منتزعة بالإكراه. من أجل الضغط على عوائلهن لدفع الاموال اللازمة لقاء الافراج،
مسؤولون حكوميون وأعضاء في البرلمان ومحامون وقضاة لـ هيومن رايتس ووتش إن قضاة للتحقيق قبلوا رشاوى من ضباط للأمن لإطالة احتجاز سيدات أو شروط الإفراج عنهن فضلا عن إخفاء أثار التعذيب من سجل القضية الخاص بالمحتجزات.
خاتمة القول
تقول سميراميس إده وهي ناشطة في مجال و الانسان ما نصه "ما زالت هذه الانتهاكات تتكرر ضد المرأة وضد كل الناس منذ عهد صدام حسين، مروراً بالامريكيين الذين ارتكبوا انتهاكات مماثلة في سجن "أبو غريب" بعد الحرب. إذن ما يحدث الآن هو للأسف استمرار للتاريخ، وإن اختلف المستهدفون. ففي أيام صدام حسين، لم يكن من المهم أن تكون سنياً أو شيعياً، ولا أن تكون رجلاً أو امرأة، كان يكفي أن تكون معارضاً للحكم. كما أن قوات الـ"مارينز" الأمريكية استهدفت السنة وسجنتهم بحجة قتالها للقاعدة. ثم أتت إستراتيجية نوري المالكي السياسيوية إبَّان فترة حكمه، وهو من الطائفة الشيعية، فيتحامل على السُنّة بهدف تعزيز وتوسيع قاعدته الانتخابية".
أما برهان العبيدي قال لـ نينوى الغد أنه "في هذه الحرب الداخلية ما أسهل استهداف النساء، وما أضعفهن في مجتمع محافظ معرَّض باستمرار لتصاعد التطرُّف الديني. إن العنف ضد السجينات حالات انتقام أيضاً، حيث لاستهداف المرأة مغزى رمزي لمكانتها النفيسة في هذا المجتمع العراقي المسلم والقبلي. فهذه الانتهاكات فادحة في مجتمع بهذا القدر من المحافظة، وفي بلد مثل العراق له أبعاد قبلية راسخة وقيم قتالية عالية".