
المحرر: الدكتور عادل البكري | عدد المشاهدات: 1686
هو المرحوم احمد عزت أل قاسم أغا البكري ألصديقي السعرتي .
وقد أضيفت كلمة (السعرتي) إلى اسمه بعد أن أقطع السلطان مراد الرابع اقطاعات بلدة (سعرت) إلى عائلة البكري في بغداد .
بعودته من فتح بغداد في القرن السابع عشر .
وقد مُنح مثل الإقطاعات إلى أشخاص كانوا قد وقفوا إلى جانب الدولة العثمانية أثناء حربها مع الفرس.
وبلدة سعرت قديمة كان المسلمون قد فتحوها أثناء فتح الموصل سنة 16هـ (تاريخ الطبري) .
وأن اسمها في المراجع التاريخية (اسعرد) .
وهي بلدة طيبة المناخ .
كثيرة الخيرات.
وكان لرؤوساء هذه العائلة نفوذ فيها فلقبوا بالأغوات وهو لقب عثماني خاص.
ويتصل نسب المرحوم أحمد عزت بالقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (رض) كما هو موضح في شجرة النسب .
وكان يؤكد ذلك في أشعاره وقصائده.
ومن ذلك القصيدة التي وردت في سيرته الذاتية (وقد أهدتني حفيدته السيدة فرح نسخة مصورة عنها) وجاء في مقدمتها (هذا ملحق في مدح آل طه للمرحوم احمد عزت أفندي البكري بن قاسم أغا) ومطلع القصيدة هو: من حماكم سطعت شمس الهدى عترة الهادي النبي المقتدى وجاء في آخرها البيت الآتي: أحمد البكري ذو القلب الشجي فارحموه وأسعفوه سادتي وكذلك جاء في التنزيلة التي مطلعها (دار أقداح المدام): احمد البكري الفقير يرتجي منكم نصير وقد استقر بعض أفراد هذه العائلة في الموصل منذ القرن الثامن عشر وكان لهم نشاط علمي وسياسي فقد أنشأ محمد أغا السعرتي مدرسة سنة 1715 ذكرها نيقولا ألسيوفي وجاء ذكرها في كتاب (الموصل في العهد العثماني –ص 415) وكان من النشاط السياسي لهذه العائلة اشتراك بعض أفرادها في الأحداث التي وقعت سنة 1829 في صفوف الانكشارية في الموصل حيث انقسم الانكشارية بين مؤيد للوالي ألجليلي ومعارض له .
ودار القتال بينهم 21 يوما وكان قد انضم محمد أغا وسعيد أغا (من أولاد ملا عبدالله السعرتي) إلى الجناح العسكري في هذه الثورة.
وقد ولد المرحوم احمد عزت بن قاسم أغا بن عبدالله أفندي بن حاج محمد أغا السعرتي في الموصل سنة 1869 ودرس في مدارسها وعلى شيوخها .
ثم دخل دار المعلمين التي تأسست في تلك الأيام في الموصل وتتلمذ على مديرها رسول السليماني وقرأ عليه العلوم العقلية والرياضية والطبيعية .
ودرس كذلك علوم النحو والصرف والأدب .
وحفظ القرآن منذ صغره وكان يجيد اللغة التركية وأصبح أستاذا لتدريسها في الإعدادية الملكية في العهد التركي حتى كان الانقلاب العثماني حيث نقل إلى إدارة مدرسة الوطن وكان له فضل كبير في تشييد بنائها ثم أسندت إليه إدارة المدرسة الخضرية الثانوية بعد تشكيل الدولة العراقية .
وهي المدرسة التي أصبح أسمها (الإعدادية المركزية) وسميت بعدئذ (الإعدادية الشرقية) .
وإلى جاني ذلك كان يلقي محاضرات باللغة التركية في المدرسة الكهنوتية الكلدانية.
والمرحوم أحمد عزت شاعر مُبدع مارس الشعر بجميع أنواعه وأغراضه .
من ذلك القصيدة التي عارض فيها قصيدة أبي تمام المشهورة (السيف أصدق إنباء من الكتي) والتي يقول فيها أن العلم هو الذي ريفعنا .
وأذكر أدناه بعض أبياتها: يا نائما عند ذكر المكرمات أفق ويا بعيدا عن العليا لها اقترب أما ترى الغرب في نيل العلوم سَمَا فخرا وزاحم فيها رفعة الشهب ما بال أبناء قومي لا نصيب لهم من العلوم ولا حظ من الأدب تقمصوا بقميص الجهل واتشحوا دون البرية بالتمويه والكذب إن قلتَ للعلم هُبْوا قال قائلهم: { السيف أصدق إنباءً من الكتب} وقصيدة أخرى نظمها في مدح المرحوم الملك فيصل الأول عندما زار الموصل وزار مدرسة الوطن التي كان مديرها آنذاك احمد عزت الذي مدحه لقصيدة جميلة كان مطلعها: نطق السرور مغرداً في الموصل بزيارة الملك المعظم فيصل وكان المرحوم احمد عزت يمارس الموسيقى ويعزف على بعض آلاتها ويلحن الأشعار التي من نظمه .
ومن ذلك تلحينه للتنزيلة (دار أقدار المدام) التي هي من نظمه وهي من نغم البيات .
وتنزيلة أخرى من نغم النهاوند أولها: جاء وفي راحته كأس الطـلا مورد الخدّ سبى كل الملا وهو يجيد العزف على آله القانون وقد تلقى دروسه الموسيقية على الموسيقار الأرمني توبار ومارس فن المقامات والموشحات.
وكان يجمع في مجلسه أهل الفن والموسيقى وقرّاء المقام.
ويحضر مجلسه المرحوم الدكتور محمد صديق الجليلي وعبد العزيز الخياط وسيد أحمد الملقب (بابن الكفغ).
كما أن له علاقة جيدة مع الشاعر العراقي معروف الرصافي الذي كان يحلّ ضيفا على دار أحمد عزت وقد مدحه بقصيدة عصماء عند مغادرته للدار ومطلعها: للموصل الحدباء فضل قد غدا كل الفخار به لآل القاسم ومازال المرحوم احمد عزت قائما في خدمة العلم والتعليم حتى انتهى به العمل الوظيفي إلى إحالته إلى التقاعد سنة 1927.
وقد أقيم له احتفال تكريمي بمناسبة بلوغ خدمته في التدريس خمسا وعشرين سنة وقد قُدمت له هدايا بهذه المناسبة.
وقد انتقل احمد عزت إلى رحمة الله فقد توفاه الله في آذار سنة 1942.
وكان له من العمر ثلاث وسبعون قضاها في تربية أجيال من أبناء هذه المدينة.
وأخيرا فقد ترك أحمد عزت من أحفاده حفيدتين هما (جنة وفرح) مفخرة نساء الموصل في فنّ الخط العربي.
واشتهت حفيدته السيدة الفاضلة فرح عدنان احمد عزت بفن الزخرفة الإسلامية إلى جانب فنّ الخط .
وقد تلقت دراستها في فن الخط على الخطاط حازم عزو وعلى يوسف ذنون وتتلمذت على شيخ الخطاطين(حامد الآمدي) في استنابول وسافرت إلى مصر لتلتقي مع عميد الخط العربي (سيد إبراهيم) وأخذت عنه بعض أساليبه في الخط.
أما في فن الزخرفة والتلوين فقد اتخذت لنفسها أسلوبا خاصا مما جعلها مؤهلة للاشتراك في عدة معارض عربية ودولية في تونس ومصر وتركيا وايطاليا والإمارات المتحدة ونالت فيها جوائز وطافت بصحبة والدها حول العالم وزارت المتاحف الخطية وألقت محاضرات في فنون الخط والزخرفة .
وهي عضوة شرف في جمعية الخطاطين العراقيين وجمعية الخطاطين الأردنيين والجمعية المصرية .
وقد قامت بتصميم طابع بريدي عراقي فاز بالجائزة الأولى في الثمانينات من القرن الماضي.
وهي في الوقت الحاضر تعمل في مجال الخط والزخرفة مع زوجها السيد عمار عبدالغني الرفاعي والعمل على تنفيذ رؤيتهما في تأكيد قيمة الخط العربي واسترجاع دوره الرائد في النهوض وإنماء الذوق الفني في مجتمعنا.
إنها الخطاطة الرائدة فرح عدنان أحمد عزة البكري السعرتي
2014-12-03