The Best Street Style Looks from New York Fashion Week

المحرر: مروان ياسين الدليمي | عدد المشاهدات: 545
لربما بات الحديث عن عدم امكانية السيطرة على الحالة الأمنية في العديد من المدن العراقية أمراً مقبولاً الى حد ما مع الاخذ بنظر الاعتبار الحضور الواضح للإختلاطات الاثنية والعرقية فيها .
ونحن هنا امام واحد من الاسباب ــ وليس كلها ــ التي تفتح النوافذ قبل الابواب للعناصر الارهابية حتى تدخل لتمارس جنونها في التدمير والتخريب وقتل الناس.
خاصة بعد أن اصبح العراق ساحة مكشوفة للاجهزة الاستخباراتية الاقليمية والدولية بعد العام 2003 وتم شراء ذمم عديد الناس من خلال دغدغة عواطفهم باللعب على الوتر الطائفي والعرقي لتجنيدهم في تنفيذ مخططاتها.
هذا اضافة الى اننا لايمكن تجاوز مسألة الضعف الكبير في اداء الاجهزة الامنية العراقية.
وعدم امتلاكها خبرة وامكانات كافية تؤهلها للعمل بشكل حرفي بمستوى عالٍ.
خاصة وان الكثير من عناصرها كانوا ينتمون الى المليشيات قبل ان يتم دمجهم عام 2007 في الاجهزة الأمنية الحكومية.
ولربما كان ذلك سببا رئيسا في ضعفها وانتشار الفساد الاداري والمالي فيها بما يجعل عملية السيطرة على الاوضاع الامنية بشكل كامل امرا مستحيلا.
وهذا ماكان عليه الحال في المدن التي سقطت تحت سلطة تنظيم داعش ابتدأ من الموصل وماتبعها من المدن الاخرى بعد ذلك.
فعلى سبيل المثال في عام 2014 وقبل سقوط الموصل بمدة لاتزيد عن اسبوع تم اطلاق سراح قيادي كبير من تنظيم الخلافة(داعش )من قبل قيادة الجيش العراقي في المدينة.
بصفقة سرية قيمتها تم تقديرها بخمسين الف دولار.
وقد اعلن الخبر لوسائل الاعلام في حينها محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي .
السؤال الذي يفرض نفسه هنا:مالذي ينقص الاجهزة الامنية في بغداد لكي تعجز عن احكام قبضتها على مداخل ومخارج العاصمة.
اضافة الى شوراعها واحياها السكنية ؟ مالذي يحدُّ من قدرات القوى الامنية التي تنتشر حواجزها وسيطراتها في كل حي وشارع منها ؟ بغداد لمن يعرفها وتجوّل في شواراعها خلال الاعوام القليلة الماضية يدرك جيدا أن القوات الامنية تقف امامه في كل زاوية لتسأله: من انت .
ومن اين جئت .
وهل انت من سكان هذا الحي .
وووووووو ؟ اسئلة كثيرة لابد للمواطن أن يجيب عليها قبل أن يصل بيته.
أو الى بيتِ مَنْ يودُّ زيارتهم من اقارب واصدقاء يسكنون في هذا الحي أو ذاك.
لم يعد التحرك فيها أمرا طبيعيا كما في اي مدينة في العالم .
فالاوضاع كلها تشير أن المدينة تعيش وضعا امنيا استثنائيا جدا وإنْ كان الناس فيها يحاولون وبكل السبل ان يتكيفوا ويتآلفوا مع هذا الوضع اللاطبيعي ليعيشوا حياة طبيعية او يوهموا انفسهم بذلك بعد ان طال بهم الزمن كثيرا وهم يرقدون على سطح من الصفيح الساخن .
وامام هذا التشديد في الاجراءات الاحترازية والأمنيّة التي تعيشها بغداد أليس من الصعب على الارهابيين ومن كانوا يعدّون في قوائم الخارجين على القانون ان ينفذوا من الرقابة واجهزة الكشف ؟ لقد تحولت بغداد طيلة الاعوام الماضية الى اشبه بثكنة عسكرية او معسكر اعتقال.
ليس من السهل على اي غريب عنها ان يدخلها.
وحتى لو دخلها فلن يشعر بالاطمئنان فيها لانه سيشعر بعيون وكاميرات واجهزت كشف كثيرة تترصده من كل الجهات.
حتى أن المواطن العراقي البغدادي نفسه يفكر الف مرة قبل ان يذهب مضطرا الى منطقة سكنية غالبية سكانها لاينتمون الى الطائفة التي ينتمي لها ــ بعد أن نجحت عمليات التهجير الطائفي المتبادل في انهاء الاحياء السكنية المختلطة ــ خشية أن يتعرض للمضايقة أو الاعتقال من قبل ابناء المنطقة انفسهم قبل أن تتدخل الاجهزة الامنية للقبض عليه.
ليوضع في قائمة المشتبه بهم من الارهاربيين .
الصورة في بغداد بقدر ما هي اصبحت معقدة على هذا النحو امست بنفس الوقت واضحة جدا.
فَلَمْ يعد أمراً صعباً أن يتم السيطرة على الأمن فيها طالما نحن امام واقع قد شهِد تكريساً وفرزاً طائفياً حاداً في المناطق والاحياء السكنية.
وارتفع الهاجس الامني لدى الناس الى مستويات عالية .
وتمددت السيطرات والحواجز ونقاط التفتيش في كل مدخل وحي وشارع .
وإذا كان الحال على هذه الصورة فلماذا اذن تشهد بغداد كل هذه التفجيرات ؟ آخرها كان التفجير المزدوج الذي حدث يوم الاحد 28 / شباط (فبراير)في سوق مريدي الشعبي بمدينة الصدر.
والذي راح ضحيته اكثر من 28 قتيل اضافة الى 62 في عداد الجرحى.
هذا اضافة الى حدث آخر تزامن معه عندما توغل عدد من الارهابين والانتحاريين الى داخل قضاء ابي غريب المحاذي لبغداد وسيطروا على عدة احياء سكنية فيه قبل ان يتم مهاجمتهم وقتلهم من قبل الجيش .
ازاء ذلك ليس لنا إلاّ انْ نشير بأصبع الإِشتباه والاتهام الى الطبقة السياسية التي تحكم وتمسك بالسلطة طالما كل المفاتيح الامنية بيدها.
ولاأحد ينازعها عليها.
وتكاد ان تكون بالمطلق في قبضة حزب الدعوة الاسلامي الذي يقود كتلة التحالف الوطني.
فهو الحاكم.
الآمر.
الناهي طيلة الاعوام التي اعقبت الاحتلال الاميركي عام 2003.
ولم يفكر اي طرف سياسي آخر في أنْ ينافسه على هذه المسؤولية لانه يدرك صعوبة ذلك وبأن خوض معركة معه لاجدوى من ورائها سوى الفشل.
طالما ايران حليفته ولاتبخل عليه باي دعم ومساندة.
فليس مستغربا أن يبقي ممسكا بكل الخيوط الامنية لبغداد.
والعلاقة بين ايران والتحالف الوطني بزعامة حزب الدعوة الحاكم هي في اعلى المستويات ولن نأتي بجديد عندما نشير الى ذلك .
ولكن مايهمنا بهذا الصدد ان الوضع الامني للبلاد قد شهد تدهورا مستمرا رغم الدعم الايراني .
فما جدوى هذه العلاقة ــ وهي على هذا المستوى العالي من التعاون الامني والعسكري ــ إذا كنّا سنصل الى هذا المستوى من الانهيار ؟ ما عاد مجديا أن تُكرر على مسامعنا اسطوانة قديمة مشروخة تختزل المشكلة بشكل جاهز وسطحي لترميها في سلة البعثيين والصداميين(ولسنا هنا بمعرض الدفاع عنهم وتبييض صفحتهم) وحتى فيما لو كانوا يتحملون مسؤولية ذلك فهذا لايرفع المسؤولية عن حزب الدعوة ــ بكل الخراب والدم المراق ــ طالما يمسك ولوحده بالسلطة واجهزتها الامنية .
لو كان هنالك قضاء عادل وقانون مسلّط على الجميع دون استثناء أوتمييز طائفي وحزبي لما تُرِكَ مسؤولو الاجهزة الامنية ولو لدقيقة واحدة في مناصبهم يتنعمون بالحرية والامتيازات.
ولشاهدناهم جميعا في قفص الاتهام.
لكنهم وعلى مايبدو مطمئنون على بقائهم في مناصبهم بعد أن حصلوا على مايكفي من الحصانة والضمانات ــ الحزبية والطائفية ــ التي تجنبهم المسائلة والعقاب.
وهذا ماتثبته وقائع كثيرة.
فالمالكي ايام كان على راس السلطة اصدر قرارا بموجبه يمنع محاكمة اي قائد عسكري أوأمني فيما لو تم تقديم شكوى ضده تتهمه بارتكاب جريمة او انتهك حقوق مواطنين.
ومازال القانون ساري المفعول.
ولهذا لم نجد حتى اليوم مسؤولا امنيا واحدا قد صدرت عقوبة بحقه.
بل على العكس من ذلك.
فقد تعودنا على ان نجد رد فعل الاجهزة الحكومية الرسمية ــ وخاصة الامنية منها ــ وبعد كل عملية اختراق امني يذهب ضحيتها العشرات من المدنيين الابرياء أن تَشُنَّ حملة اعتقالات واسعة تستهدف مناطق سكنية بعينها.
وهم بهذا الاسلوب يوغلون في الخطأ ويعيدون انتاجه.
مع انه كان سببا في شرخ طائفي عميق باتت تعاني منه البلاد منذ عدة اعوام.
ورغم خطورة هذا الاسلوب للأجهزة إلاّ أنه يبقى ساذجا ومفضوحا.
ولربما هذا التوصيف قد يكون اقل مايمكن أن يقال عنه.
لان المسؤولون يتقصّدون من ورائه الهروب من المعضلة والتغطية عليها.
وما ذلك إلاّ محاولة بائسة ويائسة لإبعاد الشبهة والمسؤولية عن الذي يتحمل المسؤولية ورميها على أناس ابرياء بحجج طائفية أو على البعض من دول الجوار.
رغم اننا لانستبعد ابدا تورط اطراف خارجية بكل ماحدث ويحدث من خراب وقتل في العراق .
العلة في الوضع العراقي تكمن في التغاضي عن اطراف بعينها وتحميل أطراف اخرى كل المسؤولية.
وهذا ما ابقى الابواب مفتوحة ـ وليس النوافذ فقط ـ لكي يدخل منها المجرمون القادمون من مشارق الارض ومغاربها.
وليصبح العراق سوقا دولية تُعقَدُ فيها الصفقات المشبوهة لقتل الأمل الانساني بحياة آمنة وكريمة.
2016-03-04

روابط اخرى