11 عامًا على نكبة الموصل: ذكرى دامية أحرقت الذاكرة وأشعلت إرادة الحياة

تمرّ مدينة الموصل، اليوم (10 حزيران 2025)، بذكرى أليمة لا تزال محفورة في ذاكرة أبنائها، وهي الذكرى الحادية عشرة لاحتلال المدينة من قبل تنظيم داعش الإرهابي في عام 2014، وهي الحادثة التي غيّرت مجرى تاريخ المدينة، وقلبت أوضاعها رأساً على عقب.

في مثل هذا اليوم قبل 11 عامًا، انسحبت القوات الأمنية من المدينة، ما أفسح المجال أمام التنظيم للسيطرة الكاملة على ثاني أكبر المدن العراقية بعد بغداد. وسيطر داعش خلال ساعات قليلة على مفاصل الحياة في الموصل، وفرض حكمه الدموي بالقوة، عبر سياسات الترهيب والقتل والتهجير ومنع الحريات.

ورغم القمع الشديد، لم تستسلم إرادة الموصليين، حيث بدأت تظهر بوادر الرفض والمقاومة من الداخل، سواء بشكل علني أو سري، بالتزامن مع تنسيق بين بعض السكان والقوات الأمنية العراقية، تمهيدًا لعملية التحرير.

وبعد ثلاث سنوات من المعاناة، أُطلقت عملية تحرير المدينة في عام 2017، والتي انتهت باستعادة السيطرة الكاملة عليها، لكنها خلفت دمارًا واسعًا شمل البنى التحتية والمنازل والأحياء القديمة. وصُنّفت الموصل حينها “مدينة منكوبة”، نظراً لحجم الدمار الذي جعل من مشاهدها أشبه بأفلام الحروب العالمية.

ورغم مرور أكثر من عقد على سقوط المدينة، لا تزال بعض آثار الحرب شاخصة، ليس فقط في الأبنية المهدّمة، بل في غياب مصير آلاف المفقودين من أبنائها، ومظلومية ذوي الشهداء الذين لم يُنصفوا حتى الآن. وتبقى “حفرة الخسفة”، التي تحوّلت إلى مقبرة جماعية، شاهداً مرعباً على تلك المرحلة السوداء من تاريخ المدينة.

ويواجه الأهالي حتى اليوم تأخراً في تعويض المتضررين، واستمراراً في سيطرة بعض الجماعات المسلحة من خارج نينوى، وسط تساؤلات حول تمثيل المدينة الحقيقي في أي عملية سياسية أو انتخابية. ويشعر كثير من سكانها بأنهم ما زالوا يدفعون ثمن سياسات التهميش والتضييق والتشويه التي طالتهم لسنوات.

ومع كل ذلك، يُصرّ الموصليون على التمسك بالحياة والنهوض من تحت الركام، عبر جهود إعادة الإعمار، والحفاظ على هوية المدينة الأصيلة، وتخطيط مستقبل أكثر استقراراً وعدالة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

وفيما تستذكر المدينة جراحها، فإنها تُظهر في الوقت ذاته ملامح نهضة جديدة، يقودها أبناؤها بإصرار على عدم العودة إلى الوراء، وبعزيمة لا تعرف الانكسار.

إرسال التعليق