واشنطن بوست :المليشيات إضعاف للجيش العراقي وصور خميني وخامنئي فوق قاعدة تمثال صدام

باتت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران تأخذ موقع الصدارة على نحو تدريجي في قتال العراق ضد داعش، الأمر الذي يهدد بتقويض الاستراتيجيات الأميركية الرامية إلى تعزيز دور الحكومة المركزية، وإعادة بناء الجيش العراقي، وتعزيز المصالحة مع المكون العربي السني المستاء. ومع وصول اعداد هذه الميليشيات 100بين مئة ألف إلى مئة وعشرين ألف مقاتل، تقول مصادر عسكرية أميركية وعراقية إن هذه الميليشيات باتت تطغى بسرعة على أعداد الجيش العراقي المنهك والمنهارة معنوياته، والذي تقلصت قوته القتالية إلى نحو ثمانية واربعين ألف جندي فقط منذ أن طردت القوات الحكومية من مدينة الموصل الشمالية الصيف الماضي. وفي حين تحظى هذه الميليشيات بدور أعظم، فانها تلجأ في بعض الأحيان إلى أساليب يخشى أن تزيد من تحييد العرب السنة وتعمق من حدة الأبعاد الطائفية للقتال. وتسهم هذه الميليشيات، مثل عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله، أيضا في خندق إيران التي تمتلك سلطة كبيرة على شؤون العراق وعلى نحو قد يكون من الصعوبة معه اعادة الأمور إلى ما كانت عليه. وتعلن هذه الميليشيات المدعومة والممولة من ايران بولائها إلى طهران. وفي مثال صارخ على سقوط العراق في فلك إيران، فان لوحات إعلانية كبيرة الحجم تعكس القوة الهائلة لهذه الميليشيات تحمل اليوم صور الزعيم الايراني الراحل الخميني وخليفته المرشد الأعلى علي خامنئي تغطي في بغداد قاعدة تمثال صدام حسين الذي اطاحت به قوات البحرية الأمريكية (المارينز) عام ألفين وثلاثة.
ويقول المحللون أن الحظوة التي باتت تتمتع بها هذه الميليشيات تثير تساؤلات حول حكمة الإستراتيجية الأميركية التي تقوم بموجبها الطائرات الأميركية المقاتلة بالقصف جوا من أجل تعزيز قبضة القوات البرية على الأرض التي تدعمها إيران والتي قد تكون معادية للولايات المتحدة. إلى ذلك، قال مايكل نايتز من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن القتال إذا ما تواصل على سياقه الحالي، فان هناك خشية كبيرة من أن تتمكن الولايات المتحدة من دحر داعش، لكنها بالمقابل ستخسر العراق لصالح إيران. وتخشى الولايات المتحدة من أن تقوض قوة هذه الميليشيات سلطة رئيس الوزراء حيدر العبادي وتحويل العراق إلى نسخة أخرى من لبنان، حيث تقع الحكومة الضعيفة رهينة لرغبات حركة حزب الله المتنفذة. وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي يدرس القادة العسكريون الأميركيون مسألة إرسال قوات برية للمساعدة في التخطيط للهجوم بهدف استعادة الموصل، فان بعض الميليشيات بدأت تثير التساؤلات حول الحاجة للمساعدة الأمريكية. ونقلت الصحيفة عن كريم النوري، الناطق والقائد العسكري لمنظمة بدر التي ظهرت كأقوى المجاميع المسلحة في البلاد قوله: لا نحتاج إليهم على الأرض، ولا في الجو. بوسعنا دحر داعش بمفردنا.
وتقول هذه الميلشيات التي تفضل أن يطلق عليها اسم الحشد الشعبي إن نشرها جاء بترخيص من الحكومة وبفتوى من المرجع العراقي الشيعي الأكبر آية الله العظمى علي السيستاني. غير أن سلسلة المراجع في هذه الميليشيات تعمل من خلال قادتها الذين يصلون في كثير من الأحيان مباشرة إلى إيران. كما أن الرجل المكلف بتنسيق نشاطاتها في العراق هو نائب مستشار الأمن القومي الإيراني، أبو مهدي المهندس، وهو الاسم الحركي لشخص عراقي محظور من وزارة الخزانة الأمريكية لدوره كقائد عراقي كبير في فيلق الحرس الثوري الإيراني. وكان المهندس قد حكم عليه غيابيا في الكويت لدوره في تفجير السفارتين الأميركية والفرنسية في الكويت عام ثلاثة وثمانين وتسعمئة وألف. بالاضافة إلى ما تقدم، فان قاسم سليماني، القائد الكبير في القوات الايرانية، يقوم بزيارات منتظمة وغالبا ما يظهر في جبهات القتال في العراق. وفي هذه الاثناء، فان القيادة المباشرة للعمليات قد انيطت مؤخرا إلى الزعيم القوى في منظمة بدر، هادي العامري، الذي يزعم أنه مسؤول عن وضع الخطط نيابة عن القوى الأمنية والميليشيات.
وفي جولة أخيرة في القرى المحررة، اتضح أن خطر إسهام الميلشيات في تعميق حدة الانقسامات الطائفية كان واضحا للعيان. ففي قرية واحدة تسمى العسكري، كانت كل المساكن قد احرقت، وهو تكتيك قال عنه السياسيون السنة إنه يهدف إلى ممارسة تطهير عرقي للعرب السنة في المناطق السنية من أجل منعهم من العودة إلى مناطقهم. كما يرفض مرافقو تنظيم بدر قبول زيارة الصحفيين لقرية أخرى تدعى بروانة حيث عثر على ما لا يقل عن ثلاثة وخمسين رجلا، بل ربما يصل العدد إلى سبعين رجلا من العرب السنة جرى اعدامهم بعد اندحار عصابات داعش. ويقول الشهود والسياسيون السنة إن هؤلاء الرجال كانوا مدنيين قد لجأوا إلى بروانة بعد أن اجتاح قريتهم المتمردون، ويتهمون الميلشيات الشيعية بتنفيذ عمليات قتل الأمر الذي تنفيه منظمة بدر

إرسال التعليق