أثار خبر تخصيص “غرفة صلاة للمسلمين في الفاتيكان” تفاعلًا واسعًا في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من اعتبر الأمر خطوة إيجابية نحو الانفتاح والحوار بين الأديان، وبين من رآه تجاوزًا غير مقبول في المكانة الدينية للفاتيكان كمركز روحي للكنيسة الكاثوليكية. لكن ما مدى صحة هذه الرواية، وما الذي جرى بالفعل
الواقعة تعود إلى المكتبة الرسولية الفاتيكانية، وهي واحدة من أعرق وأغنى المكتبات في العالم، يعود تأسيسها الرسمي إلى عام 1475، وتضم كنوزًا معرفية تمتد من المخطوطات المسيحية إلى الوثائق الإسلامية والآسيوية النادرة. بحسب ما كشفه دون جاكومو كاردينالي، نائب محافظ المكتبة، لصحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية، فإن بعض الباحثين المسلمين الذين زاروا المكتبة مؤخرًا، طلبوا مكانًا هادئًا لأداء صلاتهم أثناء وقت البحث والدراسة، فاستجابت إدارة المكتبة لهذا الطلب ومنحتهم غرفة صغيرة مع سجادة صلاة، تقديرًا لإحتياجاتهم الدينية.
كاردينالي شدد على أن ما حدث لا يتعدى كونه موقفًا إنسانيًا وعفويًا، مؤكدًا أن المكتبة الفاتيكانية تحتضن تراثًا عالميًا متنوعًا، بما في ذلك مخطوطات قرآنية نادرة ومبهرة. وأضاف أن هذه المؤسسة البحثية لطالما كانت مفتوحة للعلماء والباحثين من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية، في إطار احترام متبادل يسعى إلى خدمة المعرفة.
ورغم بساطة الحادثة، إلا أنها فجّرت نقاشًا واسعًا. فهناك من اعتبر تخصيص غرفة صلاة للمسلمين داخل الفاتيكان “مسًا بالمقدسات المسيحية”، بينما رأى آخرون في الخطوة تجسيدًا لروح الحوار والإنفتاح التي تؤمن بها الكنيسة الكاثوليكية، لا سيما في ظل التوترات والإنقسامات الدينية التي يعيشها العالم اليوم.
في النهاية، لا وجود لقرار رسمي من الفاتيكان بتخصيص “غرفة دائمة للصلاة للمسلمين”، كما روّجت بعض العناوين المثيرة. ما جرى كان ببساطة استجابة مؤقتة وإنسانية لطلب شخصي من باحثين زائرين، في مكانٍ علمي وثقافي لا ديني بحت. ومع ذلك، فإن ردود الأفعال المتباينة تكشف عن مدى حساسية العلاقة بين الدين، والرمزية، والإنفتاح في عالمنا المعاصر.
إرسال التعليق