منظمة الـ “فاو” العراق يواجه أصعب عام من حيث الأمطار والجفاف منذ 1933

أكد صلاح الحاج، ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في العراق، أن عام 2025 قد يكون الأصعب منذ عام 1933 من حيث انخفاض معدلات الأمطار وارتفاع نسبة الجفاف، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة ليست محصورة بالعراق فقط، بل هي إقليمية وعالمية، إلا أن العراق يعاني منها بشكل أعمق مقارنة بدول أخرى.

وأوضح الحاج أن إقليم كوردستان يتمتع بإمكانيات أفضل من بقية المناطق بسبب ارتفاع معدل المتساقطات وتنوع البيئة الجغرافية بين الهضاب والجبال، إضافة إلى مصادر المياه والزراعة المتنوعة، ما يمنحه قدرة أكبر على التكيف مع التغيرات المناخية.

في المقابل، تواجه مناطق الجنوب مثل الأهوار تحديات مركبة تتمثل في شح المياه، ارتفاع ملوحتها، وتدهور التربة، مما أثر سلباً على الزراعة وتربية المواشي، وخاصة إنتاج الجاموس.

وأفاد الحاج بأن منظمة فاو تنفذ مشاريع مشتركة مع الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان، منها نماذج تطبيقية في حوض أربيل تعتمد على تقنيات الاستشعار عن بعد لتحديد أوقات الري المثلى، إلى جانب مشاريع تطوير البنى التحتية للمياه في محافظات الوسط، وتشجيع المزارعين على استخدام تقنيات حديثة للري.

وأضاف أن المنظمة تعمل مع وزارات الزراعة والبيئة والموارد المائية والتخطيط على مشاريع مدعومة من صندوق المناخ الأخضر تهدف إلى الاستخدام الأمثل للمياه والطاقة، وتحسين الأمن الغذائي. وتشمل هذه الجهود نماذج للري المغلق وإعادة تأهيل قنوات الري للحد من هدر المياه، وهي مشاريع مدعومة حكومياً ومن المتوقع توسيعها وطنياً.

وأشار الحاج إلى الأسباب التي جعلت العراق من أكثر الدول تأثراً، منها ارتفاع درجات الحرارة، انخفاض الأمطار، تزايد السكان، إزالة الغابات، وسوء إدارة الموارد الطبيعية. كما بين أن 70% من مساحة العراق تقع ضمن المناطق الصحراوية والجافة، خاصة في الوسط والجنوب.

وحذر من أن نسبة الجفاف في الأهوار تجاوزت 70%، مع جفاف هور الحويزة بالكامل، ما أدى إلى تدهور الإنتاج الحيواني ونزوح العائلات المعتمدة على تربية الجاموس نحو ضفاف نهر الفرات.

كما تراجعت المساحات الزراعية إلى أقل من النصف، مما أثر بشكل مباشر على دخل آلاف العائلات الريفية وانعكس سلباً على الاقتصاد والمجتمع والبيئة.

وشدد الحاج على ضرورة اعتماد مقاربات جديدة تشمل تحسين الممارسات الزراعية، رفع كفاءة استخدام المياه، والانتقال إلى تقنيات ري أكثر تطوراً، مشيراً إلى أن الجهود الحكومية موجودة لكنها بحاجة إلى خطط استراتيجية طويلة الأمد، ودعم مادي وفني مشترك بين الجهات المعنية.

كما أكد على أهمية إعادة تأهيل البنى التحتية، التشجير، إدارة الموارد المائية، ومكافحة التصحر لضمان مواجهة فعالة ومستدامة للأزمة.

وأشار إلى تراجع الإيرادات المائية لنهرَي دجلة والفرات إلى أقل من 30% مقارنة بالسنوات السابقة، ما تسبب في انخفاض مخزون السدود والخزانات إلى مستويات حرجة، وأثر سلباً على الزراعة والثروة الحيوانية والأمن الغذائي.

وكانت مناطق الأهوار في محافظات ذي قار وميسان والبصرة الأكثر تضرراً، حيث تعرضت لجفاف شبه كامل وارتفاع ملوحة المياه، مما أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الجواميس ونزوح الأسر المعتمدة على تربية المواشي.

وفي منتصف 2024، أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مشروعاً شاملاً لتحديث منظومات الري في محافظات الوسط والجنوب، بهدف تقليل الهدر وتحسين كفاءة المياه، بالتعاون مع وزارتي الموارد المائية والزراعة، ضمن خطة وطنية لمواجهة التصحر وتغير المناخ.

كما بدأت الحكومة في بناء سدود صغيرة ومتوسطة لجمع مياه الأمطار وتحسين التخزين الموسمي، بالتنسيق مع منظمة الأغذية والزراعة لتنفيذ برامج استشعار عن بعد لتحديد أوقات الري في حوض أربيل.

وعلى مستوى إقليم كوردستان، أطلقت الحكومة مشاريع استراتيجية لمعالجة أزمة المياه، منها مشروع ضخ مياه الزاب الكبير إلى أربيل وتأهيل شبكة التوزيع لضمان توفير المياه لعقود قادمة، إلى جانب مشروع نقل مياه الزاب الصغير وتجديد المياه الجوفية، ومشاريع لمعالجة المياه المستعملة لحماية البيئة.

وشمل البرنامج في أربيل تنفيذ مشاريع لإنعاش المياه الجوفية، مثل بناء أحواض ترابية وخزانات مائية وحفر آبار لتجميع مياه الأمطار، ضمن استراتيجية لتحويل الاعتماد من المياه الجوفية إلى السطحية.

تُظهر هذه الجهود تنسيقاً وطنياً وإقليمياً لمواجهة أزمة المياه والجفاف، مع التركيز على استدامة الموارد وتحسين الأمن الغذائي في ظل تحديات المناخ المتصاعدة.

إرسال التعليق