مركز الراوبط للدراسات: دولة الدين ودولة السياسة: قرارات بغداد أم فتاوى النجف

برز من جديد دور اثنين من كبار رجال الدين كقائدين في ما يتعلق بشؤون الدولة ، في وقت تلاحق شبهات الفساد الساسة في العراق وتتعرض مكانة الجيش للضرر بسبب هزائمه في ساحة القتال.
وعمد آية الله العظمى علي السيستاني وحجة الإسلام مقتدى الصدر، أكثر الزعماء الدينيين الشيعة نفوذا في العراق، إلى الضغط على رئيس الوزراء حيدر العبادي كل بطريقته لمعالجة الفساد في قلب الحكومة العراقية، ولتوقيت تدخل الزعيمين حساسيته.
فإذا أخفق العبادي في إرضاء السيستاني والصدر بإنجاز ما وعد به منذ فترة طويلة من تدابير لمكافحة الفساد، فربما تضعف حكومته في الوقت الذي تستعد فيه القوات العراقية لمعركة استعادة مدينة الموصل أكبر المدن الخاضعة لسيطرة مقاتلي تنظيم داعش.وفي الأسابيع الأخيرة زاد الاثنان ضغوطهما على العبادي وأبدى السيستاني استياءه في يناير الماضي بالقول إن صوته “بح” من تكرار دعواته للإصلاح.
وقال في الخامس من فبراير الماضي إنه لن يتناول الشؤون السياسية في خطبه الأسبوعية بعد ذلك، ولم يتناول منذ ذلك الحين سوى الأمور الدينية.
أما الصدر فقد صعد احتجاجات الشوارع، وقال سجاد جياد المحلل السياسي في بغداد والمستشار لدى الحكومة “لا يوجد دور في الدستور العراقي لرجال الدين”، على عكس الوضع القائم في إيران. وأضاف جياد “هم يلعبون دورا متزايدا لأن الطبقة السياسية موصومة ولا يمكن لشخصية قوية أن تظهر من الجيش مثلما كان الحال في الماضي”.
إلا أن حقيقة الأمر تقول غير ذلك تماما، فالعراق دولة دينية على غرار إيران، وقد أقر مثل هذا الأمر في الدستور، كما أن سيطرة الأحزاب الدينية والميليشيات الطائفية على الواقع السياسي والاجتماعي في العراق جعلت منه دولة دينية بامتياز، وهذا ما يمثله الاحتفال المبالغ فيه بالمناسبات الدينية التاريخية المختلف عليها.
سطوة رجال الدين، سواء القادمين من قم وطهران أو الذين يعيشون في النجف وكربلاء وبغداد والبصرة، على الواقع العراقي تؤكد أن رؤية الأحزاب الدينية الحاكمة تقوم على أن العراق دولة دينية، شيعية حصرا.

إرسال التعليق